أثارت المزاعم الإسرائيلية الأخيرة بشأن العثور على وثائق رسمية تثبت علاقة حركة "حماس" المباشرة بتمويل وتنظيم "أسطول الصمود" المتجه إلى غزة، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية. ففي الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل لإظهار "أسطول الصمود" كجزء من نشاط تقوده الحركة الفلسطينية، تؤكد أطراف إقليمية ودولية أن الأسطول مدني بحت، مخصص لمهام إنسانية تهدف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات.
وزارة الخارجية الإسرائيلية نشرت وثائق قالت إنها صودرت من داخل قطاع غزة، بينها رسالة تعود إلى عام 2021 موقعة من رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، موجهة إلى رئيس "المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج" (PCPA)، تدعو إلى وحدة الصف وتأييد المؤتمر بشكل علني. كما أشارت الخارجية إلى وثيقة ثانية تضم قائمة بأسماء قيادات في المؤتمر، تصفهم بأنهم "من كبار عناصر حماس". وتعتبر إسرائيل أن هذه الأدلة تكشف للمرة الأولى عن "هوية الممول الحقيقي للأسطول".
إسرائيل كانت قد صنفت "المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج" كمنظمة إرهابية منذ عام 2021، معتبرة إياه جناحاً خارجياً لحركة "حماس" ينشط في تنظيم الفعاليات والحملات السياسية والإغاثية حول العالم. المزاعم الجديدة تأتي في لحظة حساسة، إذ يترافق تحرك الأسطول مع تصعيد عسكري إسرائيلي على غزة، ومع محاولات تل أبيب الضغط على أنقرة وأوروبا لوقف الدعم السياسي واللوجستي لمثل هذه المبادرات.
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع التركية أنها تتابع عن كثب عمليات "أسطول الصمود"، مؤكدة أن السفن المدنية المشاركة في المهمة تعمل وفق القانون الدولي والمعايير الإنسانية. وأكد البيان أن تركيا ستسخر إمكاناتها البحرية وقدراتها في البحث والإنقاذ لدعم أي عمليات إنسانية طارئة بالتنسيق مع الأطراف الدولية.
مصادر إعلامية تركية كانت قد كشفت أيضاً عن عملية إجلاء نفذتها السلطات التركية لركاب إحدى السفن المشاركة بعد تعرضها لتسرب مائي في البحر المتوسط.
التحرك لم يقتصر على تركيا، إذ انضمت قطع حربية من إيطاليا وإسبانيا لمرافقة الأسطول في طريقه نحو غزة. مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل أظهرت سفناً أوروبية ترافق "أسطول الصمود"، في رسالة واضحة بأن هناك غطاء دولياً متنامياً لهذه المبادرة.
بينما تصر إسرائيل على تقديم "أسطول الصمود" كذراع ميدانية لحركة "حماس"، تنظر قوى إقليمية ودولية إلى الأسطول كأداة ضغط إنسانية تهدف إلى تخفيف معاناة مليوني فلسطيني في قطاع غزة يعيشون تحت حصار مشدد منذ أكثر من 18 عاماً. ومع تصاعد المواجهة بين السرديتين، يبدو أن "أسطول الصمود" تحول من مجرد مبادرة إنسانية إلى ساحة اختبار لصراع النفوذ بين إسرائيل وخصومها الإقليميين، خصوصاً تركيا، وسط ترقب دولي لما إذا كان الأسطول سيصل إلى غزة أم سيتعرض لاعتراض مباشر من البحرية الإسرائيلية كما حدث في تجارب سابقة.