تتواصل في المشهد السوري سجالات سياسية وعسكرية معقدة تتعلق بمستقبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وعلاقتها بالجيش السوري والنظام المركزي في دمشق. وفي هذا السياق، كشفت إلهام أحمد، رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية والمسؤولة البارزة في “الإدارة الذاتية” لشمال وشرق سوريا، عن وجود مقترحات تتضمن منح قائد “قسد” مظلوم عبدي، أو أحد الضباط البارزين فيها، منصبًا رفيعًا مثل وزير الدفاع أو رئيس الأركان في الجيش السوري.
هذه التصريحات جاءت خلال حوار لها مع مجلة “المجلة” في 27 أيلول، حيث سلطت الضوء على أبرز نقاط الخلاف الجوهرية مع دمشق، والمتمثلة أساسًا في:
مستقبل العلاقة بين قسد والجيش السوري الجديد.
وضع الإدارة الذاتية وشكل النظام السياسي بين المركزية واللامركزية.
خلافات دستورية وهواجس أمنية
أشارت إلهام أحمد إلى أن النقاش لا يجب أن يبقى محصورًا في هوية المكوّنات أو مطالب الكرد وحدهم، بل ينبغي أن يشمل جميع السوريين ضمن إطار دستوري جديد. واعتبرت أن بحث مواد دستورية تمهّد لبناء استقرار دائم هو المدخل الحقيقي لأي اتفاق، مؤكدة أن “التهديد والوعيد بمهل زمنية أو عمليات عسكرية لا يخدم الحلول”.
في المقابل، نقلت تقارير عن الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قوله إن عدم التوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام قد يفتح الباب أمام تحرك عسكري تركي. لكن إلهام أحمد شككت في واقعية هذا الطرح، مؤكدة أن تركيا قد لا تلجأ مباشرة لعمل عسكري، وأن المسألة تحتاج إلى نقاشات أعمق وزمن أطول.
المفاوضات مع دمشق
كشفت أحمد أن آخر اجتماع رسمي لها كان مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في آب الماضي بدمشق، حيث جرى الاتفاق على وضع جدول زمني لعمل اللجان المشتركة. هذه اللجان من المفترض أن تناقش الملفات الإدارية والعسكرية وتخرج بتفاهمات واضحة. إلا أن الاجتماعات التي كان من المقرر عقدها في أيلول لم تتم، بانتظار رد من دمشق.
كما أوضحت أن أي عملية اندماج بين قوات الجيش النظامي وقوات “قسد” يجب أن تكون تدريجية وليست فورية، مشيرة إلى أن قوام قسد والأجهزة الأمنية التابعة لها يبلغ حوالي 100 ألف مقاتل وعنصر. وبحسب التصورات المطروحة، يمكن دمج هذه القوات ضمن فيالق عسكرية مشتركة، مع تشكيل فرق ولجان لضمان انتقال منظم.
موقف الشرع وانتقاده للامركزية
من جانبه، كان الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قد صرّح في 20 أيلول أن سوريا بالفعل لامركزية بنسبة 90% بفضل القانون رقم 107، معتبرًا أن مطالب “قسد” بالفيدرالية أو أشكال أوسع من اللامركزية هي مجرد “قناع للانفصالية” بصياغات مختلفة.
كما قال الشرع في لقائه الأول مع مظلوم عبدي: “إذا جئت للمطالبة بحقوق الكرد فلا تهتم، لأن الكرد مواطنون متساوون في سوريا، وأنا أهتم بحقوقهم أكثر منك”. ورأى أن اتفاقية 10 آذار كانت فرصة فعلية مدعومة أمريكيًا وتركيًا لإيجاد حل، لكن أطرافًا داخل “قسد” وحزب العمال الكردستاني عرقلت تنفيذها.
البعد الإقليمي والمعادلة المعقدة
يرى الشرع أن الوضع القائم في شمال شرق سوريا لا يهدد فقط الأمن القومي السوري، بل يتجاوز ذلك ليشكل خطرًا على تركيا والعراق أيضًا. في حين تؤكد الإدارة الذاتية أن إشراك مكونات المنطقة في الإدارة المركزية في دمشق هو شرط أساسي، إلى جانب ضمانات دستورية حقيقية تحمي حقوق السكان وتكرّس التعددية.