إبراهيم قالن.. أكاديمي وفنان يرأس الاستخبارات التركية

2025.09.28 - 10:13
Facebook Share
طباعة

 يُعَدّ إبراهيم قالن من أبرز الشخصيات التركية التي جمعت بين العمل الأكاديمي والسياسي والفني، إذ تدرج من مقاعد الجامعات إلى مواقع صنع القرار، وصولا إلى قيادة جهاز الاستخبارات التركية في يونيو/حزيران 2023. ويُعرف قالن -إلى جانب مساره السياسي والفكري- بكونه فنانا يهوى العزف والغناء، ومفكرا أصدر مؤلفات بارزة في الفكر الإسلامي والعلاقات بين الشرق والغرب.

 

المولد والنشأة

وُلد إبراهيم قالن يوم 15 سبتمبر/أيلول 1971 في حيّ كادي كوي بمدينة إسطنبول، لعائلة صغيرة تنحدر من ولاية أرضروم شمال شرقي تركيا. نشأ في بيت متواضع، إذ لم يُكمل والداه المرحلة الابتدائية، لكنه دفع نفسه إلى القراءة منذ سن العاشرة عبر استعارة الكتب من مكتبة المدرسة. وقد شكّلت هذه المرحلة منعطفا مهما في شخصيته، إذ تعرّف مبكرا على فلاسفة كبار مثل أرسطو وأفلاطون والفارابي.

وكان لوفاة والدته عام 1986، وهو في الرابعة عشرة، أثر عميق في مساره، حيث اضطر للانتقال إلى جوار والده العامل في تجارة الخضار والفواكه.

 

التعليم والتكوين

أكمل قالن دراسته الثانوية في مدينة أنطاليا الساحلية، قبل أن يعود إلى إسطنبول لينال درجة البكالوريوس في التاريخ من جامعتها عام 1992. توجه بعدها إلى الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، حيث حصل على ماجستير في الفلسفة والفكر الإسلامي عام 1994.

وفي عام 1996 انتقل إلى الولايات المتحدة والتحق بجامعة جورج واشنطن ضمن برنامج العلوم الإنسانية والفلسفة المقارنة، لينال الدكتوراه عام 2002 عن أطروحة بعنوان "نظرية الملا صدرا في المعرفة واتحاد العاقل والمعقول".

أتاحت له إجادته عدة لغات -من بينها الإنجليزية والعربية والفارسية والفرنسية إلى جانب التركية- الاطلاع على مصادر متنوعة ومراجع واسعة.

 

المسيرة الأكاديمية

بعد نيله الدكتوراه، بدأ قالن مساره الأكاديمي محاضرا في جامعة جورج تاون بواشنطن، ثم عاد إلى تركيا ليدرّس في جامعة بيلكنت بالعاصمة أنقرة. كما أصبح عام 2011 عضوا في مجلس أمناء جامعة أحمد يسوي الدولية، وهي مؤسسة مشتركة بين كازاخستان وتركيا.

وفي 2019 بدأ تدريس طلبة الدراسات العليا في جامعة ابن خلدون بإسطنبول، وحصل على لقب بروفيسور في العام التالي. وإلى جانب التدريس، نشر أبحاثا ومقالات في كبريات الصحف العالمية مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز وفايننشال تايمز، إضافة إلى منصات عربية مثل الجزيرة نت والأهرام.

 

الدخول إلى السياسة

كشف قالن في حوار تلفزيوني أن كتاب "المدينة الفاضلة" للفارابي كان من أبرز أسباب توجهه إلى السياسة، إذ ألهمه الحديث عن ضرورة بناء مجتمع قائم على الفضيلة.

وفي أواخر عام 2004 لفت اهتمامه الأكاديمي أنظار رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان، فكلفه بإنشاء مؤسسة فكرية. وبالفعل أسس عام 2005 "مركز سيتا" للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الذي ترأسه لخمسة أعوام.

وفي 2009 عُيّن كبير مستشاري السياسة الخارجية في رئاسة الوزراء، ثم تولى إدارة مجلس الدبلوماسية العامة عام 2010، ليُعيَّن لاحقا مستشارا مساعدا في رئاسة الوزراء عام 2012.

بعد انتخاب أردوغان رئيسا للجمهورية عام 2014، أصبح قالن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة بصفة سفير، ثم وكيلا لمجلس الأمن الرئاسي والسياسة الخارجية في 2018. واستمر في هذه المناصب حتى يونيو/حزيران 2023، حين تسلّم رئاسة جهاز الاستخبارات التركية خلفا لهاكان فيدان.

 

الاهتمامات الفنية

لم يقتصر مسار قالن على الأكاديميا والسياسة، فقد بدأ اهتمامه بالموسيقى مبكرا في المرحلة المتوسطة، حيث تعلم العزف على الغيتار ثم على آلات تقليدية مثل البُزُق والناي. وأصدر ألبومات غنائية تضم أغنيات من تأليفه وألحانه، إضافة إلى أهازيج شعبية تركية. وقد شارك في حفلات موسيقية عدة، مقدما نفسه بوصفه فنانا إلى جانب مساره الأكاديمي والسياسي.

 

مؤلفاته

ترك قالن بصمة فكرية من خلال مجموعة من الكتب التي تناولت قضايا الفكر الإسلامي والحضارة والعلاقة بين الإسلام والغرب، من أبرزها:

الإسلام والغرب (2007).

تركيا بطولها وعرضها – السياسة والمجتمع والثقافة (2011).

العقل والفضيلة – المخيلة الاجتماعية لتركيا (2013).

الوجود والوعي في التصور المعرفي عند الملا صدرا (2015).

الإسلاموفوبيا – معضلة التعددية في القرن 21 (2015) بالاشتراك مع الأكاديمي الأميركي جون إسبوزيتو.

أنا والآخر وما بعده – مدخل إلى تاريخ العلاقات بين الإسلام والغرب (2016).

بربري – عصري – متحضر: ملاحظات عن الحضارة (2018)، تُرجم إلى العربية.

 

الستار والفحوى – تحليل عقلي (2020).

شخصية متعددة الأبعاد

يجمع إبراهيم قالن بين الفكر والسياسة والفن، ليقدّم صورة غير مألوفة لرئيس جهاز استخبارات، إذ يجمع في شخصيته بين خلفية أكاديمية فلسفية واهتمامات موسيقية عميقة وتجربة سياسية ممتدة. وبذلك يُعَدّ أحد أبرز الشخصيات التركية التي تنقلت بين ميادين الفكر والفن والسياسة، وصولا إلى قمة هرم الأمن القومي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 4