من القذائف للألعاب.. بصمات إسرائيلية في لبنان

رامي عازار

2025.09.28 - 09:35
Facebook Share
طباعة

 أعلنت المديرية العامة لأمن الدولة في لبنان ضبط ثلاث قذائف مدفعية في منطقة برج حمود شمال بيروت، في حادثة أثارت جدلاً واسعاً بعدما تبيّن أن إحدى القذائف تحمل كتابات باللغة العبرية.


ووفق بيان المديرية، فقد تحركت دورية تابعة للإقليم الإقليمي في جبل لبنان فور ورود معلومات عن وجود ذخائر في محيط منطقة حنكش – برج حمود. وبعد الكشف الميداني، ضُبطت ثلاث قذائف من عيار 120 ملم، تبين أنها غير معدّة للتفجير، قبل أن تُسلّم إلى الجيش اللبناني الذي تولى نقلها ومتابعة الإجراءات.


هذه الواقعة لم تمر مرور الكرام في بلد اعتاد أن يرى في كل تفصيل أمني امتداداً لصراعاته الأوسع مع إسرائيل. فالكتابات العبرية على إحدى القذائف فتحت الباب أمام تساؤلات حول مصدر هذه الذخائر، وكيف وصلت إلى منطقة مدنية مكتظة بالسكان، وسط مخاوف من أن تكون جزءاً من مخلفات صراعات سابقة أو رسائل سياسية غير معلنة.


ورغم أن القذائف لم تكن صالحة للاستعمال، فإن وجودها بحد ذاته أثار قلق الأهالي، خصوصاً في ظل التوترات الأمنية المتكررة على الحدود الجنوبية. ويشير مراقبون إلى أن العثور على ذخائر من هذا النوع في مناطق مأهولة يذكّر اللبنانيين دوماً بالثغرات الأمنية واحتمال تسرّب أسلحة أو متفجرات إلى الداخل، في بلد لا يزال يعيش تحت وطأة ذاكرة الحروب.


مسدس "صنع في إسرائيل" يثير الاستغراب
وفي حادثة أخرى منفصلة لكن ذات دلالة، أثار مسدس ماء اشتراه طفل من متجر ألعاب في منطقة ضهر العين – الكورة، جدلاً واسعاً بعد أن تبين أن اللعبة مصنوعة في إسرائيل.


ورغم أن الأمر يتعلق بلعبة للأطفال، فإن القصة سرعان ما تحولت إلى مادة للنقاش العام، خصوصاً أن دخول مثل هذه البضائع إلى السوق اللبنانية يثير تساؤلات حول آليات الرقابة الجمركية وحدودها. فلبنان يعيش منذ عقود في حالة عداء سياسي وعسكري مع إسرائيل، ويمنع استيراد أي بضائع تحمل منشأها، ما جعل الواقعة مصدر إحراج للجهات المعنية، وأعاد طرح قضية الثغرات التجارية التي تسمح بمرور منتجات محظورة.


يرى ناشطون أن المسألة لا تتعلق بمجرد لعبة، بل بما تمثله من دلالات رمزية. ففي بلد يعتبر إسرائيل خصماً مباشراً ويعيش توترات دائمة على حدوده الجنوبية، فإن تسلل بضاعة تحمل اسمها أو صناعتها يثير استياءً شعبياً، ويُقرأ أحياناً كاختراق يتجاوز البُعد الاقتصادي إلى رسائل سياسية وثقافية.


قلق يتجاوز الرمزية
تزامن العثور على القذائف مع حادثة اللعبة الإسرائيلية ليعكس، وفق مراقبين، شعوراً عاماً بالقلق من أن الفضاء اللبناني ما زال هشّاً أمام تسلل الرموز أو المخلفات المرتبطة بإسرائيل. وبينما يسعى الجيش والأجهزة الأمنية لتأكيد السيطرة على الوضع، يظل الشارع اللبناني حساساً لأي تفصيل يحمل بصمة عبرية، سواء أكان ذخيرة قديمة أم لعبة بلاستيكية.


ويرى محللون أن هذه الوقائع - مهما بدت صغيرة - تُذكّر اللبنانيين بأنهم يعيشون في منطقة تتقاطع فيها الحسابات الأمنية والسياسية مع تفاصيل الحياة اليومية، وأن إسرائيل تبقى حاضرة في مشهدهم العام حتى حين لا تكون على خطوط النار.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 5