منصات "الربح السريع" في سوريا.. حقيقة استثمار أم وهم خطير؟

2025.09.27 - 09:37
Facebook Share
طباعة

في خضم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها السوريون، ومع انعدام فرص العمل وتراجع الدخول، ظهرت مؤخراً منصات استثمارية تحمل وعوداً مغرية للربح السريع.
هذه المنصات، التي تنشط عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، تجذب مئات المشتركين يومياً بعروض غير مسبوقة: أرباح يومية تصل إلى 20% من قيمة المبلغ المودَع، واستعادة رأس المال خلال خمسة أيام فقط، لتبدأ بعدها رحلة "الأرباح الخيالية".

وعود مبهرجة.. لكن من أين تأتي الأموال؟

التقينا عدداً من الوسطاء المحليين، الذين شرحوا لنا آلية العمل الفكرة بسيطة في ظاهرها: يودع المستثمر مبلغاً معيناً، فيحصل يومياً على نسبة ثابتة من الأرباح.
بعد خمسة أيام يُعاد له رأس المال كاملاً، ويبدأ بجني الأرباح الصافية. وبهذا الشكل، تُسوَّق المنصة على أنها فرصة ذهبية لتجاوز ضيق المعيشة، حتى بات كثيرون يرونها بديلاً عن الوظيفة.

لكن عند التعمق في التفاصيل، تكشّفت صورة مختلفة ففي محافظة اللاذقية، تحدث إلينا وكيل يُدعى يعقوب بصراحة غير معهودة، قائلاً:
«الحقيقة أن هذه المنصات لا تقوم على استثمار حقيقي. إنها شركات وهمية تعتمد على مخطط بونزي الاحتيالي. الأرباح التي يحصل عليها المستثمرون القدامى مصدرها أموال الداخلين الجدد. ما دامت الدائرة تتوسع، يستمر دفع الأموال. لكن بمجرد أن يتوقف تدفق المستثمرين، تنهار المنصة فجأة وتختفي».

مخطط بونزي بملامح محلية:

آلية العمل التي كشفها يعقوب تتطابق مع ما يعرف عالمياً باسم "مخطط بونزي"، حيث يتم تمويل أرباح المستثمرين الحاليين من أموال المساهمين الجدد، دون أي نشاط اقتصادي حقيقي، هذه الأنظمة تكسب ثقة الناس بسرعة عبر إظهار "أرباح" مبكرة للمشتركين، ما يدفعهم لمضاعفة ودائعهم وتشجيع آخرين على المشاركة وهكذا تتسع الدائرة بشكل متسارع، لكن على أساس هش قائم فقط على التدفقات الجديدة.

وفق شهادة يعقوب، فإن المشغّلين يضعون هدفاً مالياً محدداً، وبمجرد بلوغه تُغلق المنصة وتختفي. ويضيف: «الأمر أشبه بالقمار. قد تضع أموالك وتربح لبعض الوقت، لكنك معرض في أي لحظة أن تستيقظ وتجد المنصة قد اختفت».

الثقة المزيفة ودافع التوسع:

حالياً، تبدو هذه المنصات وكأنها تكسب الثقة وسط شرائح من المجتمع، بسبب السرعة الفائقة في دفع الأرباح، النجاح الأولي يدفع المستثمرين إلى توسيع ودائعهم وجذب أقارب وأصدقاء، وهو بالضبط ما تحتاجه المنصة لتستمر لكن كل تلك الأرباح ما هي إلا إعادة توزيع لأموال المستثمرين الجدد على القدامى، وليست ناتجة عن استثمار أو نشاط اقتصادي حقيقي.

دوائر ستنهار:

الخطر الأكبر يكمن في أن المنصات تعمل على توسيع الدائرة باستمرار، لكن هذه الدائرة محكومة بالتوقف في لحظة ما. عندها، ينهار النظام بأكمله، ويجد المستثمرون أنفسهم وقد فقدوا مدخراتهم. وبينما يربح قلة في البداية، فإن الخسارة في النهاية تطال الغالبية.

ما بين الحاجة الاقتصادية الملحّة والرغبة في الربح السريع، يجد آلاف السوريين أنفسهم اليوم عالقين بين وهم الثراء وخطر الاحتيال، في لعبة قد تنتهي بخسارة واسعة على حساب أبسط أحلامهم بالاستقرار. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 10