غزة على شفير الانهيار: شهادات الممرضة الأميركية أندي فوغان تكشف حجم الكارثة الصحية
مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة، تتعرض المنظومة الصحية في القطاع لأكبر اختبار منذ سنوات، في مشهد يصفه العاملون الطبيون بالمأساوي والفوضوي. التدمير شبه الكامل للعيادات والمستشفيات، ونقص الأدوية الأساسية والمعدات الطبية، جعل القطاع الصحي في حالة انهيار شبه كامل، وفق شهادات ميدانية حية.
الهجوم البري الأخير وتأثيره على المستشفيات
بعد أسبوعين من الهجوم البري الإسرائيلي الأخير على غزة، أعلنت الأمم المتحدة عن تدمير عيادتين وإغلاق مستشفيين بالكامل، فيما تعمل المستشفيات الأخرى بأقل طاقتها، مع نقص حاد في الأدوية والوقود والكهرباء.
مستشفى القدس، الواقع على الطرف الجنوبي للمدينة، كان يسع 120 مريضًا، لكنه أصبح يضم نحو 20 مريضًا فقط، بينهم رضيعان في العناية المركزة، ويعمل فيه نحو 60 طبيبًا وممرضًا مع عائلات المرضى. حالات الفرار من المستشفى كانت شبه يومية مع اقتراب القوات الإسرائيلية، تاركة الأطفال والرضع والمرضى الأكثر ضعفًا في مواجهة الموت.
شهادات حية من قلب الحدث
الممرضة الأميركية أندي فوغان، التي تطوعت من سياتل عبر الجمعية الطبية الفلسطينية – الأسترالية – النيوزيلندية، سجلت مئات المقاطع المصورة توثق حياة المستشفيات تحت القصف المستمر.
في أحد الفيديوهات، أُجلي مريض مصاب بحروق تغطي 40% من جسده، إلى عيادة مؤقتة على حقل من الأنقاض، فيما كان الطاقم الطبي يكافح لإنقاذ حياة الأطفال في الحاضنات وسط انفجارات مستمرة.
تقول فوغان: «الخوف حقيقي. زملائي يسألونني لماذا غادرت. يقولون لي إنهم سيموتون إذا استمروا في البقاء». وأضافت: «الأرضية كانت تعج بالمرضى، والآن أصبحت مهجورة. كل شيء يتحرك تحت تهديد القصف، كل شيء يمكن أن ينهار في أي لحظة».
نقص الأدوية والمعدات وتهديد حياة الطواقم الطبية
تعاني المستشفيات من نقص حاد في المياه والكهرباء والأكسجين، فيما تعرضت محطة الأكسجين في مستشفى القدس لإطلاق نار مباشر. القيود الإسرائيلية على المعابر الحدودية منذ 12 سبتمبر أوقفت وصول المساعدات، ما جعل الإمدادات الإنسانية تواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى المدنيين.
وفقًا للأمم المتحدة، أُجبرت 27 مركزًا طبيًا على تعليق خدماتها أو الإغلاق التام، مما زاد من سوء التغذية والوفيات بين المرضى. كما أن أكثر من 160 عاملاً طبيًا احتجزوا لدى السلطات الإسرائيلية، بزعم تورط بعضهم في أنشطة إرهابية، مما زاد من الضغط على الكوادر المتبقية في المستشفيات.
تاريخ استهداف البنية التحتية الصحية
هذه الهجمات ليست الأولى؛ فقد داهمت القوات الإسرائيلية مستشفى القدس لمدة أسبوع في نوفمبر 2023، ما أدى إلى إغلاقه مؤقتًا، ومقتل مدني على الأقل، وتدمير أجزاء منه. وتؤكد الأمم المتحدة أن استهداف المستشفيات يتم بشكل ممنهج، عبر الضربات المباشرة والحصار والغارات الجوية.
يشير خبراء دوليون إلى أن استهداف البنية التحتية الصحية يهدف إلى تفكيك القطاع الطبي ومنع تقديم الرعاية الطبية للمدنيين، وهو ما يفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع ويزيد من الوفيات بين الأطفال والرضع وكبار السن والمرضى المزمنين.
تداعيات الحصار والقصف على المدنيين
1. الأزمة الإنسانية: مئات الآلاف من الفلسطينيين يعيشون تحت الحصار في غزة، مع مجاعة متصاعدة، ونقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة.
2. تهديد حياة المدنيين: استهداف المستشفيات والعيادات يجبر السكان على الفرار، ويترك المرضى الأكثر ضعفًا عرضة للموت.
3. الضغط على الطواقم الطبية: العزل والتهديد المباشر، ونقص الإمدادات، يجعل الطواقم الطبية في مواجهة مباشرة مع الموت، مما يؤدي إلى تراجع الخدمات الطبية الأساسية.
4. السياسات الإسرائيلية: استمرار القصف وفرض الحصار يعكس استراتيجية تهدف لتدمير البنية التحتية المدنية، وفقًا لمنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة.
شهادات مؤلمة من وحدة حديثي الولادة
رافقت فوغان الممرضات في وحدة حديثي الولادة، حيث اضطرت لاحتضان رضيعة عمرها 13 يومًا أثناء القصف لحمايتها. وقالت: «انخفض معدل ضربات قلبها بشكل خطير مع وقوع الانفجارات القريبة». وأضافت أن الأرضيات أصبحت فارغة بعد فرار المرضى، فيما الطائرات الإسرائيلية تواصل تهديد حياة كل من تبقى.
غزة على حافة كارثة صحية
القطاع الطبي في غزة على شفير الانهيار التام، وسط حصار مستمر وقصف متواصل، فيما يتواصل استهداف المستشفيات والعيادات بشكل ممنهج. شهادات مثل شهادة أندي فوغان تكشف حجم الكارثة الإنسانية، وتستصرخ المجتمع الدولي للتدخل العاجل.
الأرقام الرسمية تشير إلى مقتل أكثر من 65 ألف شخص منذ بدء الحرب الأخيرة، بينما تعاني البنية التحتية الصحية من تدمير شبه كامل، تاركة المدنيين في مواجهة الموت والفقر وسوء التغذية.
