أعلنت هيئة الهجرة الفنلندية، في 26 سبتمبر 2025، عن استئنافها معالجة طلبات اللجوء المقدمة من السوريين بعد توقف دام نحو تسعة أشهر، مبررة القرار بـ"استقرار نسبي" في الوضع الأمني بسوريا. ويأتي هذا التطور وسط نقاش أوروبي متصاعد حول مستقبل سياسات اللجوء، خصوصاً مع الضغوط الداخلية في عدد من العواصم الأوروبية لإعادة النظر في التعامل مع اللاجئين السوريين.
أوضحت الهيئة أن نحو 320 طلب لجوء لسوريين ما زالت قيد المراجعة بعد أن جُمّدت في ديسمبر 2024 إثر تقييم أمني سلبي للأوضاع في سوريا. وبحسب رئيس قسم الحماية الدولية، أنتي ليهتينن، فإن "المعطيات الميدانية تشير إلى أن الوضع الأمني استقر إلى مستوى يسمح بمواصلة اتخاذ قرارات".
الخطوة الفنلندية تُعد لافتة بالنظر إلى أن معظم دول الاتحاد الأوروبي ما زالت تتعامل مع سوريا باعتبارها "بلداً غير آمن"، وتُبقي على قرارات التجميد أو التشدد في منح اللجوء.
هل تتغير المعادلة؟
قرار هلسنكي يُقرأ في سياق أوسع يتعلق بالنقاش الأوروبي حول ملف الهجرة. ففي السنوات الأخيرة، شهد الاتحاد الأوروبي انقساماً بين دول تدعو إلى تشديد سياسات اللجوء وإعادة ترحيل طالبي الحماية إلى "المناطق الآمنة"، وبين دول أخرى تلتزم بخط أكثر تحفظاً انطلاقاً من التزاماتها الحقوقية.
ويرى مراقبون أن الخطوة الفنلندية قد لا تكون معزولة، بل ربما تمثل بداية مراجعة تدريجية داخل الاتحاد، خصوصاً أن ملفات سوريا وأفغانستان والعراق مطروحة باستمرار على طاولة بروكسل في ظل التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه أوروبا.
انعكاسات محتملة على اللاجئين السوريين
من المتوقع أن تثير هذه الخطوة آمال آلاف السوريين في أوروبا ممن يترقبون قرارات مماثلة. لكن في المقابل، يخشى كثيرون من أن يُستخدم "استقرار نسبي" كذريعة لتقييد الحماية أو حتى الدفع نحو العودة القسرية.
منظمات حقوقية دولية سارعت إلى التحذير من اعتبار سوريا "آمنة"، مؤكدة أن الظروف الميدانية ما زالت محفوفة بالمخاطر، وأن أي تقييم مخالف قد يعرّض حياة العائدين للخطر.
منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، شكّل السوريون إحدى أكبر موجات اللجوء إلى أوروبا، حيث استقبلت ألمانيا والسويد وفنلندا والنمسا مئات الآلاف. غير أن التحولات السياسية في القارة العجوز، وصعود التيارات اليمينية الشعبوية، فرضت قيوداً متزايدة على سياسات استقبال اللاجئين، ما أدى إلى تباين في المواقف والإجراءات بين دولة وأخرى.
إعادة فتح ملف طلبات اللجوء في فنلندا تمثل إشارة سياسية مهمة قد تتجاوز حدودها الوطنية، لتلامس الجدل الأوروبي حول مستقبل سياسة اللجوء برمتها. وبينما ينتظر مئات السوريين نتائج قرارات هلسنكي، يبقى السؤال الأبرز: هل تمهّد هذه الخطوة لسياسة أوروبية أكثر مرونة، أم ستكون مجرد استثناء عابر في ظل تشدد متزايد على مستوى القارة؟