أعلنت الأمم المتحدة أن نحو مليون لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم منذ سقوط حكومة الرئيس بشار الأسد في ديسمبر 2024، ما يعكس تحولًا ملموسًا في مسار النزوح الذي طال أجيالاً من السوريين على مدى السنوات الأربعة عشر الماضية. وتشير الأرقام الرسمية بأن العودة المتسارعة جاءت خلال تسعة أشهر فقط، وهو مؤشر على رغبة اللاجئين في العودة إلى مناطقهم الأصلية بالرغم من التحديات الاقتصادية والأمنية المستمرة.
ترى المفوضية العودة لا تمثل مجرد عودة لمنازل فارغة، بل تتطلب دعمًا دوليًا مستدامًا لإعادة بناء حياة السوريين على الأرض. فعودة اللاجئين بدون بنية تحتية مستقرة أو دعم لإعادة الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وكهرباء، قد تتحول إلى مرحلة مؤقتة يعقبها نزوح جديد، ما يضع عبئًا إضافيًا على المجتمع الدولي والدول المجاورة التي استقبلت الملايين على مدار العقد الماضي.
وتطرح العودة السريعة أيضًا أسئلة حول توزيع العودة بين المناطق المختلفة في سوريا، ومدى قدرتها على تحقيق استقرار سياسي واجتماعي. فبينما يسعى بعض اللاجئين للعودة إلى المناطق المحررة والمستقرة نسبيًا، لا تزال مناطق واسعة تواجه أزمات أمنية، فضلاً عن مشكلات اقتصادية حادة ودمار في البنية التحتية. الواقع يجعل من الدعم الدولي لجهود إعادة الإعمار ليس خيارًا فحسب، بل شرطًا لضمان استدامة العودة ومنع تحولات جديدة للنزوح.
في الوقت نفسه، تعكس هذه العودة المتزايدة قدرة الدولة السورية، بمؤسساتها المحلية، على استعادة دورها في بعض المناطق وتوفير الحد الأدنى من الخدمات، وهو عامل أساسي لطمأنة العائدين.
غير أن أي غياب للدعم الخارجي أو البطء في جهود إعادة الإعمار قد يقوض هذه المكتسبات ويعيد أزمة النزوح إلى الواجهة مجددًا، مما يسلط الضوء على العلاقة بين السياسات الدولية والتوازن الداخلي في سوريا بعد سقوط الأسد.
وتؤكد الأمم المتحدة على ضرورة استمرار المجتمع الدولي في تقديم الدعم المالي واللوجستي، بما يشمل برامج إعادة الإعمار والإغاثة الاجتماعية، لضمان أن تكون العودة حقيقية ومستدامة، وليس مجرد عودة رمزية لمنازل فارغة أو مناطق شبه مهجورة. فالنجاح في هذا الملف لن يخفف فقط من معاناة السوريين، بل سيساهم أيضًا في استقرار المنطقة ويقلل الضغوط الإنسانية على الدول المستقبلة للاجئين، ويشكل مؤشرًا على قدرة المجتمع الدولي على إدارة ملفات النزوح الكبيرة بطريقة متوازنة ومستدامة.