باريس تتمسك بدعم المفاوضات بين قسد ودمشق

2025.09.24 - 03:43
Facebook Share
طباعة

 
أكدت مصادر دبلوماسية فرنسية أن باريس لا تزال ملتزمة بدعم مسار التفاوض بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والحكومة السورية، رغم التباطؤ الواضح في خطوات دمج "قسد" داخل مؤسسات الدولة الرسمية.


وأوضحت المصادر أن هذه العملية تحظى أيضاً بدعم ومتابعة من الولايات المتحدة، في إطار الجهود الدولية الرامية إلى تثبيت الاستقرار ومنع عودة التوترات العسكرية في شمال وشرق سوريا.


وأشارت المصادر إلى أن فرنسا ما زالت تتمسك بالتعهدات التي خرج بها مؤتمر "سوريا" الذي استضافته باريس في شباط الماضي، حيث تم التشديد حينها على ضرورة بناء دولة سورية "حرّة وموحّدة وذات سيادة"، وعلى أهمية عملية انتقال سياسي سلس يضمن مشاركة جميع المكوّنات في مستقبل البلاد.


دمج قسد: أولوية مؤجلة
بحسب المصادر الفرنسية، لا يزال موضوع دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري يمثل نقطة محورية ضمن المفاوضات، باعتباره خطوة أساسية نحو تعزيز الاستقرار الداخلي ومكافحة التنظيمات الإرهابية.


لكن الواقع على الأرض يكشف تباطؤاً واضحاً في تنفيذ هذا الهدف، وسط خلافات عالقة تتعلق بمصير البنية العسكرية والأمنية لقوات "قسد"، بالإضافة إلى مستقبل الإدارة الذاتية في شمال وشرق البلاد.


ورأت باريس أن الحل الشامل يجب أن يراعي حقوق جميع السوريين دون استثناء، مشيرة إلى أن "جهوداً مهمة تبذل على ضفتي نهر الفرات"، لكنها بحاجة إلى دعم سياسي متوازن وتوافق وطني أوسع.


انسحاب دمشق من المسار الفرنسي
تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه المفاوضات مزيداً من التعقيد، بعدما أعلنت الحكومة السورية الشهر الماضي انسحابها من لقاء كان مقرراً عقده في باريس برعاية فرنسية.
وبررت دمشق قرارها بأن الخطوة جاءت رداً على المؤتمر الذي نظمته "قسد" في مدينة الحسكة، معتبرة إياه "طعنة في مسار التفاوض"، واصفة المشاركين فيه بأنهم "شخصيات انفصالية ومتورطة في أعمال عدائية".
وأكدت الحكومة السورية أنها "لن تجلس إلى طاولة التفاوض مع أي طرف يسعى لإحياء عهد النظام المخلوع تحت أي غطاء"، مشددة على أن "شكل الدولة لا يُحسم عبر تفاهمات فئوية أو مؤتمرات خارجية، بل عبر دستور دائم يُعرض على الاستفتاء الشعبي".


خلافات جوهرية
الخلاف بين الطرفين لا يتوقف عند عقد المؤتمرات، بل يتعداه إلى ملف الاتفاقات السابقة. فقد اتهمت دمشق "قسد" بخرق اتفاق 10 آذار الذي كان من المفترض أن ينظم وجود القوات العسكرية والأمنية في بعض المناطق، محمّلة إياها المسؤولية عن "توتير الأجواء السياسية والأمنية".

وترى الحكومة أن ما قامت به "قسد" يعكس محاولة لتدويل الملف السوري من جديد وإعادة فرض العقوبات، معتبرة التحالفات التي تُبنى بدعم خارجي "هشة" ولا تصمد أمام استحقاقات الداخل.


آفاق غامضة للمفاوضات
رغم التوترات، لا تزال باريس تراهن على إمكانية استئناف الحوار في مراحل لاحقة، إذ ترى أن عدم دمج "قسد" في مؤسسات الدولة سيبقي على بؤرة توتر دائمة تهدد استقرار البلاد والمنطقة.
لكن المؤشرات الحالية لا توحي بوجود اختراق قريب، خاصة في ظل الهوة العميقة بين مواقف الطرفين: دمشق تصر على مرجعية الدولة المركزية والدستور، فيما تسعى "قسد" إلى ضمانات سياسية وأمنية تكرّس حضورها في الشمال الشرقي.


ومع استمرار الجمود، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت الضغوط الدولية ستتمكن من إعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات، أم أن الخلافات ستدفع الملف نحو مزيد من التعقيد والتأجيل.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 3