اكتشاف سجن تحت الأرض في ريف حمص.. شاهد جديد على منظومة القمع الأسدية

2025.09.24 - 03:29
Facebook Share
طباعة

 

 

بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، فإن قوى الأمن الداخلي عثرت على السجن في أرض زراعية تعود ملكيتها لأحد عناصر ميليشيا "الدفاع الوطني". ويشير المسؤول الأمني في ريف حمص الشرقي، مروان السلطان، إلى أن المكان كان يُستغل لاحتجاز المدنيين وخطف النساء والأطفال مقابل فدى مالية أو لتحقيق مكاسب سياسية.

شهادات الأهالي عززت هذه الرواية؛ إذ تحدث فواز بلول، أحد سكان أبو حكفة، عن أن القرية شهدت حالات خطف متكررة خلال تلك الفترة، مؤكداً أنه كان شخصياً ضحية لهذه الممارسات. وأضاف أن الموقع المكتشف تضمن مغارة كبيرة بمدخلها باب حديدي وأقفال محكمة، تُستخدم للتعذيب والاحتجاز القسري.

 

هذا الكشف يعيد تسليط الضوء على واحدة من أبرز أدوات النظام السوري خلال الحرب: الاعتقال السري والتعذيب المنهجي. فمنذ اندلاع النزاع عام 2011، ارتبط اسم سوريا بشبكة واسعة من السجون والمراكز الأمنية التي وُصفت من قبل منظمات حقوقية بأنها "مسالخ بشرية"، أبرزها سجن صيدنايا الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "مسلخ بشري" في تقرير شهير عام 2017.

وجود سجون سرية في المناطق الريفية، بعيداً عن المدن والأنظار، يكشف عن محاولة النظام وميليشياته التمويه وإخفاء الجرائم بعيداً عن الرقابة المحلية والدولية. كما أن الحديث عن احتمال وجود مقابر جماعية إضافية يفتح الباب أمام سيناريو أكثر خطورة، إذ قد يشير إلى إعدام جماعي للضحايا الذين لم تُدفع فدى لإطلاق سراحهم.

 

لطالما اعتبرت ملفات الاعتقال والتعذيب أحد أهم العوائق أمام أي حل سياسي للأزمة السورية. تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية وثّقت آلاف حالات الاختفاء القسري، بينما قُدرت أعداد المعتقلين والمختفين في سجون النظام بأكثر من 100 ألف شخص.

ويأتي هذا الكشف في وقت يشهد فيه الملف السوري محاولات لإعادة تأهيل النظام عربياً ودولياً، وهو ما يجعل مثل هذه الاكتشافات بمثابة تذكير صارخ بالطبيعة القمعية للنظام، وقد يعرقل أي مساعٍ لتطبيع العلاقات معه دون معالجة ملف المعتقلين.

شهادات ومعاناة مستمرة

شهادة بلول، الذي أكد أن المنطقة كانت مسرحاً متكرراً لحوادث الخطف، ليست إلا نموذجاً لمعاناة آلاف الأسر السورية التي فقدت أبناءها قسراً. فإلى جانب الألم الإنساني، عانى كثيرون من الابتزاز المالي، حيث كانت الفدى وسيلة لتمويل الميليشيات المرتبطة بالنظام.

 

اكتشاف هذا السجن السري تحت الأرض في ريف حمص لا يمثل فقط حدثاً أمنياً أو محلياً، بل يشكل وثيقة جديدة في سجل الجرائم المرتكبة بحق المدنيين السوريين. ومع استمرار عمليات التمشيط والبحث عن أدلة إضافية، يظل السؤال الأبرز: كم من السجون والمقابر لا يزال مدفوناً في الجغرافيا السورية بانتظار أن يُكشف النقاب عنه؟

في النهاية، يبقى هذا الملف شاهداً على أن معاناة السوريين مع السجون السرية والاعتقالات التعسفية لم تُطوَ بعد، وأن أي عملية سياسية أو مصالحة مستقبلية لن تكون ممكنة ما لم يُفتح هذا الجرح على مصراعيه وتُقدّم العدالة للضحايا.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 2