في خطوة بارزة على الصعيد العربي والدولي، أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن بلاده بدأت إجراءات لتدريب قوات الأمن الفلسطينية، مع التأكيد على استعداد القاهرة للتوسع في هذا البرنامج بدعم من المجتمع الدولي، في محاولة لتعزيز الاستقرار في قطاع غزة ودعم مشروع الدولة الفلسطينية.
تصريحات مدبولي جاءت خلال اجتماع رفيع المستوى بشأن دعم الاستقرار في غزة، انعقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وشارك في الاجتماع كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية والهجرة المصري عبد العاطي بدر، وعدد من المسؤولين العرب والدوليين.
أكد مدبولي أن مصر شرعت فعليًا في تدريب قوات الأمن الفلسطينية، مشيرًا إلى أن القاهرة مستعدة لتوسيع نطاق هذا البرنامج بالتعاون مع شركاء دوليين. وأضاف:
"نحن على استعداد لدعم أي جهود لإنشاء بعثة دولية لمساندة عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وبناء الدولة الفلسطينية، على أن يتم تحديد مهام هذه البعثة وفق إطار سياسي متفق عليه بين إسرائيل والولايات المتحدة قبل مناقشة التفاصيل التنفيذية".
ويأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد التحديات الأمنية في غزة، بعد عمليات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة وتصاعد النزوح الداخلي، ما يجعل الحاجة إلى قوات أمن فلسطينية قوية ومتدربة أمرًا ضروريًا لضمان حماية المدنيين واستقرار المؤسسات.
في نفس الاجتماع، ألمح مدبولي إلى أن مصر لن تتوانى عن اتخاذ خطوات تحفظ مصالحها وأمن المنطقة، بما في ذلك إمكانية التأثير على مسار اتفاقية السلام مع إسرائيل في حال تعرقل تنفيذ الحلول الأمنية والسياسية في غزة. ويعكس هذا الموقف حرص القاهرة على لعب دور فاعل في إدارة الأزمة الفلسطينية، دون المساس بحقوق الفلسطينيين أو سيادة الدولة الفلسطينية المستقبلية.
التعاون الدولي
أكد مدبولي على أهمية الدعم الدولي والعربي لإنجاح هذه المبادرات، مشيدًا بدور فرنسا والمملكة العربية السعودية في دعم الحقوق الفلسطينية. وأشاد بالقرار الفرنسي التاريخي بالاعتراف بدولة فلسطين، معتبرًا أنه يشكل نقطة انطلاق مهمة نحو التوصل إلى حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وفق خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
تصريحات رئيس الوزراء المصري تأتي في وقت حساس على الصعيد الإقليمي، حيث تتواصل الجهود العربية والدولية لاحتواء الأزمة في غزة، ومنع انهيار الأوضاع الإنسانية والأمنية. ويبدو أن مصر تسعى إلى تعزيز مكانتها كوسيط رئيسي وفاعل إقليمي، من خلال تقديم الدعم الأمني المباشر للفلسطينيين، وإعادة تفعيل المؤسسات الفلسطينية في القطاع.
تمثل خطوة مصر لتدريب قوات الأمن الفلسطينية نقطة تحول مهمة في جهود استقرار غزة، وتؤكد الدور المحوري للقاهرة في الدفع نحو حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية. مع الدعم الدولي والعربي المتوقع، يمكن لهذا المسعى أن يشكل بداية لإعادة بناء المؤسسات الأمنية والمدنية الفلسطينية، ويضع أسسًا لحل دائم يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.