على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، حوّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقاده الحاد لمقر المنظمة في نيويورك إلى محور النقاش الأكثر لفتًا للانتباه، مسلطًا الضوء على حالة البنية التحتية المتردية للمنظمة الأممية.
خلال كلمته أمام الجمعية العامة يوم الثلاثاء، لم يقتصر حديث ترامب على السياسة الدولية أو ملفات النزاعات، بل وجّه سهامه إلى مقر الأمم المتحدة نفسه، معتبرًا أن المبنى "في حالة سيئة" ويعكس تبذيرًا في الإنفاق على التجديدات والإصلاحات، رغم مرور عشر سنوات على آخر عملية ترميم شاملة. انتقاده سرعان ما تصدّر وسائل الإعلام العالمية، وأثار ردود فعل متباينة داخل الأوساط الدبلوماسية والأممية.
واقع المبنى وأسباب الانتقادات
وفقًا لتقرير صحيفة "بوليتيكو" الأوروبية، يعاني المقر من أعطال متكررة تشمل:
توقف السلالم المتحركة عن العمل بشكل دوري.
مقاعد ممزقة في القاعات الرسمية.
أعطال متكررة في نقاط التفتيش الأمنية.
وأشار الموظفون الذين تحدثت معهم الصحيفة إلى أن المبنى بحاجة إلى ترميم عاجل، وأن البنية التحتية الحالية غير صالحة للتعامل مع حجم الوفود والمناسبات الرسمية التي تستضيفها الأمم المتحدة سنويًا.
خلال وجوده في المقر، تعرض ترامب لموقف محرج عند توقف السلم الكهربائي الذي كان يستخدمه، فيما تبيّن لاحقًا أن سبب التعطل يرجع إلى تفعيل آلية أمان، ربما بفعل أحد المصورين. وأمام هذا الموقف، لم يتردد الرئيس الأمريكي في التعبير عن استياءه من ضعف التجهيزات، مؤكدًا أن هذا الوضع يعكس سوء الإدارة وتبديد الأموال.
كما كشف ترامب عن عزم فريقه استخدام جهاز التلقين الخاص به، الذي تبين أنه معطل أيضًا، ما أضاف بعدًا كوميديًا ساهم في رفع درجة الانتباه الإعلامي للحدث.
ردود الفعل لم تتأخر، حيث أعرب مسؤول أوروبي عن استغرابه من حدة الانتقادات، مشيرًا إلى أن مثل هذه الأمور "يجب التعامل معها داخليًا بعيدًا عن الإعلام" وأن المقر قد خضع لعمليات ترميم شاملة خلال العقد الماضي. في المقابل، أبدى بعض الدبلوماسيين استياءً من تصوير ترامب للأزمة كمثال على "تبذير الأمم المتحدة"، معتبرين أن النقد العلني قد يضر بصورة المنظمة الدولية أمام العالم.
يتجاوز انتقاد ترامب مجرد الإشارة إلى الأعطال المادية؛ فهو يعكس استراتيجيته العامة في إدارة صورة الولايات المتحدة دوليًا، وإبراز دورها كمراقب لكل ما يعتبره هدرًا ماليًا دوليًا. كما أن هذا الموقف يطرح أسئلة أوسع حول كفاءة الأمم المتحدة في مواكبة الاحتياجات الحديثة للدبلوماسية متعددة الأطراف، وقدرتها على تقديم بيئة عمل لائقة للوفود المشاركة من مختلف دول العالم.
بينما تظل قضايا النزاعات الدولية والسياسة العالمية هي الجوهر التقليدي لاجتماعات الجمعية العامة، نجح ترامب في تحويل انتقاده لمقر الأمم المتحدة إلى حدث رئيسي، وكشف أزمة تتعلق بالبنية التحتية وإدارة الموارد. يبقى السؤال مطروحًا: هل ستسارع الأمم المتحدة إلى معالجة هذه التحديات قبل أن تتحول إلى أزمات دبلوماسية أكبر، أم سيستمر المبنى في كونه رمزًا للإهمال رغم مكانته التاريخية والسياسية؟