سيناء بين القاهرة وتل أبيب.. تعزيزات عسكرية مصرية ترفع حرارة الحدود

2025.09.24 - 12:15
Facebook Share
طباعة

تتموضع سيناء في الآونة الأخيرة عند تقاطع حساس بين متطلبات الأمن المصري على الحدود مع قطاع غزة وقلق إسرائيل المتزايد من تغيير معادلات القوة والانتشار في شبه الجزيرة. وبينما ترى القاهرة أن تعزيز حضورها العسكري شرق قناة السويس ضرورة دفاعية لمواجهة الإرهاب والتهريب، تعتبر تل أبيب هذه التحركات خرقًا لترتيبات الملحق الأمني لمعاهدة كامب ديفيد 1979، ما يزيد من حدة التوتر بين الجانبين.

 

التعزيزات العسكرية المصرية في سيناء

منذ مطلع 2024، رفعت مصر مستوى الجاهزية والتجهيز على خطوط تماس رفح، الشيخ زويد، وشمال شرق سيناء، في مسعى مزدوج يهدف إلى سد ثغرات التهريب ومواجهة بقايا الخلايا الإرهابية، إضافة إلى منع أي تدفق قسري للسكان من غزة.

وتشير التقارير إلى أن الجيش المصري عزز وجوده بتشكيلات مدرعة وآليات نقل جند، مع أعمال تسوية وبناء أسوار ومنطقة عازلة عريضة على طول الحدود، وهو ما أكدته صور الأقمار الاصطناعية لشبكة CNN في فبراير 2024. وفق المصادر العسكرية، تم نشر نحو 40 دبابة وناقلة جنود قرب حدود غزة.

 

الملحق الأمني لاتفاقية كامب ديفيد

ينص الملف الأمني لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية على تقسيم سيناء إلى ثلاث مناطق:

1. المنطقة أ قرب قناة السويس: يسمح فيها بانتشار فرقة عسكرية كاملة.


2. المنطقة ب: يسمح بحرس حدود مسلح بأسلحة خفيفة فقط.


3. المنطقة ج: الملاصقة للحدود وتُعتبر منزوعة السلاح، ولا يسمح إلا بوجود شرطة مسلحة بأسلحة فردية.

 

المراقبون يؤكدون أن التعزيزات المصرية الأخيرة تجاوزت ما هو مسموح به وفق الاتفاقيات، وهو ما يثير مخاوف إسرائيلية من استخدام هذه القوة لأغراض هجومية مستقبلية.

 

القلق الإسرائيلي والتوتر الدبلوماسي

كشفت مصادر إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من واشنطن الضغط على القاهرة بزعم "انتهاكات جوهرية" للملحق الأمني. ويؤكد السفير الإسرائيلي السابق لدى مصر، ديفيد جوفرين، أن التطورات الأخيرة في غزة أعطت القاهرة فرصة لتعزيز وجودها العسكري في سيناء بشكل غير مسبوق، مما قد يؤدي إلى تآكل تدريجي للملحق الأمني وتحول ميزان القوى على الحدود الجنوبية لإسرائيل.

وفي المقابل، تصر مصر على شرعية نشر قواتها ضمن آليات الاتفاقية، مؤكدة أن الهدف هو تأمين الحدود وحماية الأمن القومي، لا تجاوز الحدود أو التهديد المباشر لإسرائيل. وأوضح بيان الهيئة العامة للاستعلامات المصرية أن القوات المصرية تنسق مسبقًا مع أطراف السلام وتلتزم بالاتفاقيات الدولية.

 

سيناء بين الحرب في غزة والتهديدات الإقليمية

يربط خبراء الأمن المصريون بين التصعيد الإسرائيلي في غزة وتعزيز الوجود العسكري المصري في سيناء، معتبرين أن حماية الحدود ومنع تدفق اللاجئين الفلسطينيين يمثل أولوية قصوى للقاهرة. وتوضح التقارير أن القاهرة لم تعتمد بعد السفير الإسرائيلي الجديد، في حين لا يوجد سفير مصري في تل أبيب، وهو ما يعكس فتور العلاقة الدبلوماسية بين الجانبين.

كما أعربت مصر عن رفضها القاطع لأي دعوات لتهجير الفلسطينيين من غزة، واعتبرت أن ذلك ينتهك القانون الدولي الإنساني ويشكل جرائم تطهير عرقي وفق اتفاقيات جنيف.

 

التعاون العسكري مع الصين وتعزيز الدفاعات الجوية

في ظل هذه التوترات، عززت مصر تعاونها العسكري مع الصين، خاصة فيما يتعلق بأنظمة الدفاع الجوي والمناورات المشتركة، مع نشر أنظمة HQ-9B الدفاعية في سيناء. وشملت التدريبات الأولى من نوعها بين مصر والصين، بمناورات "نسور الحضارة 2025"، مقاتلات إنذار مبكر وطائرات هجومية، وهو ما يمثل تحولًا إستراتيجيًا في موقع مصر العسكري على الحدود الجنوبية لإسرائيل.

 

 

يعتبر خبراء أن سياسات نتنياهو تجاه غزة والتهديدات الإسرائيلية المتكررة قد تضع ركائز العلاقة مع مصر على المحك. ومع استمرار التوتر، من المتوقع أن تصعد إسرائيل مراقبتها الدبلوماسية، وتطالب واشنطن وعواصم أوروبية بممارسة ضغوط لإجبار القاهرة على العودة إلى القيود السابقة، بينما تتجه مصر لتعزيز وجودها العسكري كأولوية للأمن القومي.

كما حذر السفير الإسرائيلي السابق من أن استمرار تآكل الملحق الأمني قد يفتح الباب أمام مواجهة مستقبلية بين الجانبين، ويعيد شبح الصدام العسكري بعد أكثر من أربعة عقود على توقيع اتفاقية السلام.

 


تشير التطورات في سيناء إلى تصعيد متدرج في التوتر العسكري والدبلوماسي بين مصر وإسرائيل، مع انعكاسات مباشرة على أمن المنطقة وعلاقات الطرفين. وتعكس التعزيزات العسكرية المصرية في سيناء، وتعاونها الاستراتيجي مع الصين، تحرك القاهرة لتعزيز أمنها القومي في ظل الحرب المستمرة في غزة والتحديات الإقليمية، بينما تواجه إسرائيل معضلة الحفاظ على أمنها الحدودي ضمن قيود اتفاقية كامب ديفيد.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 1