خطوة المقاومة الفلسطينية بإعدام عملاء الاحتلال علناً في غزة ليست مجرد عقوبة على خيانة فردية، وانما رسالة مركبة تحمل أبعاداً داخلية وخارجية. في لحظة حرب مفتوحة وقصف متواصل، اختارت المقاومة أن تنقل المعركة إلى مستوى آخر: تحصين الجبهة الداخلية عبر الردع العلني.
أبعاد داخلية:
يرى خبراء أن هذه الإعدامات تهدف قبل كل شيء إلى ضرب شبكات التجسس التي يحاول الاحتلال زرعها في بيئة القطاع، وإظهار أن يد المقاومة ما زالت قادرة على فرض الانضباط رغم الضغط العسكري الهائل. الإعدام العلني في الشوارع ليس فقط تنفيذاً لحكم، بل إعلان متعمد أمام المجتمع بأن "الخيانة خط أحمر"، وبأن الأمن الداخلي سيظل جزءا من معركة البقاء.
حماية الحاضنة الشعبية:
التحركات الأخيرة تكشف، بحسب مراقبين، أن المقاومة تنظر إلى العملاء باعتبارهم الحلقة الأضعف التي قد يستخدمها الاحتلال لتقويض صمود المجتمع.
لذلك فإن الردع العلني يمنح الحاضنة الشعبية إحساساً بالأمان ويقطع الطريق على الشائعات، في وقت يراهن فيه الاحتلال على تفكيك الجبهة الداخلية عبر بث الفوضى والشكوك.
رسائل للخارج:
الإعدامات لم تُوجَّه للداخل وحده. هي أيضا رسالة للخارج، تقول إن الحرب لم تشل قدرة المقاومة على إدارة المشهد الأمني، وأنها قادرة على ضبط مجتمعها بنفس الوقت الذي تقاتل فيه في الميدان. هذه الرسالة تعني أن محاولات الاختراق لم تحقق أهدافها، وأن شبكة المقاومة لا تزال متماسكة.
معادلة الصمود:
التحليل الأعمق يربط بين "التصدي العسكري" و"الردع الداخلي". فالمقاومة تسعى لإظهار أن النصر لا يعتمد فقط على صواريخ أو كمائن، وانما على حماية العمق الاجتماعي الذي يوفر الاستمرارية. بمعنى آخر، الحفاظ على الانضباط الشعبي هو شرط موازٍ لأي إنجاز عسكري.
بهذا الشكل، تحوّل الإعدام العلني من مجرد فعل عقابي إلى أداة سياسية وأمنية، تعيد ضبط قواعد اللعبة الداخلية وتوجّه رسالة قوية للاحتلال والعالم، بأن معركة غزة ليست مجرد مواجهة بالسلاح بل معركة على الوعي والهيمنة داخل المجتمع.