شهدت مدينة حلب، وتحديداً محيط حيي الأشرفية والشيخ مقصود، حالة من الاستنفار الأمني عقب استهداف عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لسيارة تابعة لوزارة الدفاع السورية قرب دوار الليرمون شمالي المدينة، ما أسفر عن مقتل عنصر وإصابة آخرين، وفق ما أفادت مصادر ميدانية.
الهجوم الذي وقع في 22 أيلول، دفع قوات الأمن الداخلي إلى الدفع بآليات مدرعة وانتشار مكثف حول مناطق التماس، تحسباً لتصعيد جديد بين الطرفين. كما أفادت مصادر محلية بسقوط قذائف على محيط منطقة المعامل القريبة من الدوار، دون تسجيل إصابات مدنية.
روايات متضاربة
في حين لم تصدر وزارتا الدفاع والداخلية السوريتان أي بيانات رسمية بشأن الحادثة، أصدرت “قسد” بياناً قالت فيه إنها تصدت لهجوم نفذته مجموعات وصفتها بـ “الفصائل المنفلتة التابعة للدفاع السوري” على إحدى نقاطها الأمنية في محيط الأشرفية والشيخ مقصود. وأضافت أن الاشتباك أدى إلى إصابة ثلاثة من المهاجمين وإسقاط طائرة مسيّرة كانت تُستخدم ضد مواقعها.
بالمقابل، مصدر عسكري سوري نفى هذه الرواية، مؤكداً أن ما جرى كان استهدافاً مباشراً لسيارة عسكرية تابعة للدفاع، أدى إلى مقتل عنصر وإصابة أربعة آخرين جرى أسرهم من قبل “قسد”. واعتبر المصدر أن الخطوة تأتي ضمن سلسلة من “الاستفزازات” التي اعتادت القوات الكردية على تنفيذها داخل الأحياء التي تسيطر عليها، متهماً إياها بعدم الالتزام باتفاقات سابقة تقضي بانسحابها من المنطقة.
خلفية التوتر
الاتفاق المبرم في نيسان الماضي نصّ على انسحاب التشكيلات العسكرية لـ “قسد” من حيي الأشرفية والشيخ مقصود باتجاه شمال شرق سوريا، مع بقاء قوى الأمن الداخلي (الأسايش) داخل الحيين تمهيداً لدمجها بوزارة الداخلية السورية. لكن وزارة الدفاع تقول إن “قسد” لم تنفذ الانسحاب بشكل كامل، وأبقت على نقاط وخنادق عسكرية داخل المنطقة.
هذه التطورات تأتي بعد سلسلة حوادث مشابهة خلال الأشهر الماضية، كان أبرزها توترات وقنص متبادل قرب دوار الليرمون في آب الفائت، رافقها انتشار أمني واسع وإغلاق جزئي لطريق الكاستيلو الاستراتيجي.
استمرار الغموض
رغم الاتفاق الموقع في آذار الماضي بين ممثلين عن الدولة السورية وقائد “قسد” مظلوم عبدي، والذي نص على دمج القوات ضمن مؤسسات الدولة ووقف العمليات العسكرية، لا تزال الاشتباكات المحدودة تتكرر في محيط حلب وريف دير الزور. ما يطرح تساؤلات عن مستقبل العلاقة بين الطرفين، ومدى جدية الالتزام بالاتفاقات المعلنة.
وبين روايات متناقضة من الجانبين، يبقى الوضع في حلب قابلاً لمزيد من التصعيد، في وقت يشهد فيه الشمال السوري سباقاً سياسياً وعسكرياً معقداً، يزيد من هشاشة المشهد الأمني.