تراجع نصيب الفرد من المياه في مصر إلى نحو 500 متر مكعب سنوياً، وهو رقم يعكس فجوة كبيرة بين ما يحصل عليه المواطن المصري وما يعتبر المعدل العالمي البالغ 5500 متر مكعب للفرد، هذا الانخفاض يعكس ضغوطاً متزايدة على الموارد المائية، نتيجة النمو السكاني والتغيرات المناخية وتراجع الاعتماد على مصادر مطرية محدودة.
تحولات تاريخية في الموارد المائية:
في ستينيات القرن الماضي، كان نصيب الفرد في مصر يتجاوز 2000 متر مكعب سنوياً. ومع تزايد عدد السكان بما يفوق أربعة أضعاف، والتوسع الزراعي الذي يستهلك نحو 75% من الموارد، تراجع نصيب الفرد تدريجياً، ليصل في التسعينيات إلى ما دون خط الفقر المائي العالمي (1000 م³)، قبل أن يهبط اليوم إلى نصف هذا المعدل تقريباً.
الاعتماد على نهر النيل والموارد البديلة:
وفق خبراء تشكل حصة مصر الثابتة من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب) الركيزة الأساسية للموارد المائية، إلى جانب مساهمات ثانوية من الأمطار (1.3 مليار) والمياه الجوفية (2.4 مليار)، وتحلية مياه البحر (0.4 مليار). كما تسهم الواردات الزراعية في توفير ما يعادل 33 مليار متر مكعب من المياه غير المباشرة، وهو ما يعكس اعتماداً متزايداً على الأمن الغذائي الخارجي لسد الفجوة المائية.
التوسع في المعالجة وإعادة الاستخدام:
في مواجهة هذه التحديات، توسعت الدولة في إنشاء محطات معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، من أبرزها محطات الدلتا الجديدة، بحر البقر، والمحسمة. هذه المشروعات تهدف إلى تعويض الفجوة المتزايدة وتقليل الضغط على المصادر التقليدية.
المياه كجسر للتعاون الإقليمي:
يرى خبراء أن مصر تعتمد على التعاون مع الدول الإفريقية لتعزيز إدارة الموارد المائية المشتركة، انطلاقاً من قناعة بأن ندرة المياه وتغير المناخ تفرض تحديات عابرة للحدود. ويُطرح التعاون كخيار استراتيجي لمواجهة أزمات الأمن المائي وضمان التنمية المستدامة في المنطقة.