في ظل موجة الاعترافات الدولية المتسارعة بدولة فلسطين، استجابت إسرائيل سريعاً بمواقف رسمية حادة، تكشف الانقسام الداخلي والخلافات السياسية الحادة بين الحكومة والمعارضة، إضافة إلى التباين في استراتيجيات التعامل مع الضغوط الدولية المتزايدة.
تأتي هذه التطورات بعد اعتراف كندا وبريطانيا وأستراليا بدولة فلسطين، قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يُتوقع أن تشهد مزيدًا من الانضمامات الأوروبية والدولية.
موقف الحكومة الإسرائيلية:
اعتبرت الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الاعتراف الثلاثي يشكل تهديدًا مباشرًا لوجود الدولة، واصفة الخطوة بأنها مكافأة للإرهاب.
وأكد نتنياهو أن دولة فلسطينية لن تُقام على الضفة الغربية، وأن الرد الإسرائيلي سيعلن بعد عودته من واشنطن، حيث يلتقي الرئيس الأمريكي.
الخارجية الإسرائيلية ربطت الاعتراف بدعم الإخوان المسلمين في بريطانيا، معتبرة أنه يزيد من زعزعة الاستقرار الإقليمي ويقوض فرص السلام، مؤكدًة رفض إسرائيل لأي مقترح يتضمن حدودًا لا يمكن الدفاع عنها.
ضغوط المتطرفين:
وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير دعا إلى ضم الضفة الغربية فورًا وتفكيك السلطة الفلسطينية بالكامل، واعتبر الاعتراف الثلاثي بمثابة مكافأة للقتلة ويتطلب إجراءات مضادة عاجلة.
وزير المالية بتسلئيل:
سموتريتش أعلن أن أيام تحديد دول أخرى لمستقبل إسرائيل انتهت، داعيًا لفرض السيادة على الأراضي المحتلة ورفع فكرة الدولة الفلسطينية عن جدول الأعمال.
وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار اعتبر الاعتراف بلا معنى، وأكد أن الرد الوحيد يكمن في فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، فيما رأى وزير الطاقة إيلي كوهين أن الخطوة تمثل دعمًا للإرهاب ومكافأة لحركة حماس على أحداث 7 أكتوبر 2023.
المعارضة الإسرائيلية:
زعيم حزب الديموقراطيين يائير غولان وصف الاعتراف الثلاثي بالخطوة المدمرة لأمن إسرائيل وفشلًا سياسيًا لنتنياهو وسموتريتش.
زعيم المعارضة يائير لابيد اعتبر القرار كارثة سياسية وخطوة سيئة، مؤكدًا أن الحكومة اليمينية مسؤولة عن أسوأ أزمة دبلوماسية تواجه إسرائيل، وأن الدعوات لإقامة دولة فلسطينية تهدد وجودها وتشكل مكافأة للإرهاب.
خلفيات الموقف الإسرائيلي:
تأتي هذه الردود في ظل سياق إسرائيلي متوتر داخليًا وخارجيًا، بعد حرب غزة الأخيرة ومحاولات تل أبيب للسيطرة على الضفة الغربية. تظهر الحكومة والمعارضة إسرائيلية منقسمة بين من يضغط على الأرض لمواجهة الضغوط الدولية، وبين من يسعى لإعادة إنتاج سرديات القوة عبر الإعلام والخطابات السياسية، وهو ما يضع القيادة في مواجهة تحديات استراتيجية تتعلق بالعلاقات العربية والدولية، وأيضًا بالحاجة لتقديم رؤية واضحة لجمهورها حول المستقبل الفلسطيني والإسرائيلي.
تحليل المواقف الإسرائيلية يظهر حالة من الهلع السياسي والاجتماعي الداخلي، حيث يلتقي التطرف السياسي مع ضغوط الخارج لتشكيل سياسات تهدف إلى تثبيت السيطرة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة. هذه الديناميكية توضح هشاشة الخطاب الإسرائيلي، والاعتماد على فرضيات وأوهام تُسوّق كحقائق أمام الجمهور، ما قد يزيد من التوترات الإقليمية ويعقد فرص التوصل إلى حل سلمي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.