تشير التطورات الأخيرة المرتبطة بتصريحات النائب السابق أنطوان زهرا حول قلعة بعلبك إلى تعقيد البيئة السياسية اللبنانية، حيث تتقاطع المواقف الشخصية مع الحملات الإعلامية المكثفة والتوظيف السياسي للخطاب العام، هذه الحادثة تكشف عن ديناميات مستمرة في المشهد السياسي، خصوصاً فيما يتعلق بالخطاب المناهض لبعض المحاور السياسية، والقدرة على تحريف التصريحات لتشكيل رأي عام يواكب أجندات محددة.
زهرا أكد في بيانه أن الحملة الأخيرة اعتمدت على اقتطاع كلامه من مقابلة حول قلعة بعلبك، واستغلاله لإثارة ردود فعل مستهدفة، مضيفاً أن بعض المشاركين في هذه الحملة يُفترض بهم التحلي بالمصداقية، إلا أن الانخراط في التحريض وتوجيه الاتهامات دون التحقق من الوقائع يضرب مصداقية المؤسسات السياسية والإعلامية على حد سواء، هذا الوضع يعكس هشاشة الخطاب العام أمام الحملات الممنهجة، والسهولة التي يمكن بها توظيف الأحداث التاريخية لخدمة أهداف سياسية فورية، بعيداً عن السياق الواقعي للأحداث.
التصريحات الخاصة باستخدام قلعة بعلبك كمخزن للسلاح في مرحلة معينة تفتح نقاشاً واسعاً حول كيفية استغلال المواقع التاريخية لأغراض عسكرية خلال مراحل الصراع الداخلي، وما يترتب على ذلك من جدلية بين الحفاظ على التراث الوطني والأمن الاستراتيجي، من زاوية أخرى، فإن اقتراح زهرا برفع صور المدانين بقتل رفيق الحريري إلى جانب صور رمزية في المدينة، يظهر محاولة لتوظيف الذاكرة الجماعية لتوجيه الحوار السياسي، وهو ما أثار ردود فعل متباينة.
الجدل حول هذه التصريحات يسلط الضوء على دور القضاء في ضبط الحملات الإعلامية والتحقق من محتواها، وتوضيح المسؤوليات بين من يسعى للتحريض ومن يسعى للحفاظ على التوازن السياسي.
كما يعكس الحادث مدى ترابط السياسة والإعلام في لبنان، حيث يمكن للحملات المنظمة أن تؤثر على سمعة الأفراد والمجموعات السياسية، حتى لو كانت تصريحاتهم دقيقة وموثقة بالصوت والصورة.
في المحصلة، الحادثة تبين الحاجة إلى ثقافة سياسية مؤسساتية توازن بين حرية التعبير وواجب توخي الدقة، وإلى آليات رقابية تمنع استغلال الأحداث التاريخية والخطابات العامة لتأجيج النزاعات السياسية، مع التأكيد على دور القضاء كضامن للحقائق والعدالة.