زيارة إلى سوريا: البحث عن تاريخ اليهود أم أكثر؟

رزان الحاج

2025.09.20 - 06:42
Facebook Share
طباعة

 
أعلنت صحيفة "جوزراليم بوست" أن موشيه كلاين، أحد أعضاء طائفة ساتمار الحسيدية في بروكلين، قام بزيارة إلى سوريا في بداية سبتمبر 2025، ضمن بعثة صغيرة مخصصة لجرد المواقع التي كان يقطنها اليهود في السابق، بهدف توثيق الوجود التاريخي والثقافي لليهود في المنطقة. ورافقه في الرحلة صديقه دوف بليش، الذي تربطه شراكات مع الجالية اليهودية السورية في الولايات المتحدة.


وتشير الصحيفة إلى أن الدراسة عادةً تركز في مدارس "يشيفا" على العلوم الدينية، مع اهتمام محدود بالمواد الدنيوية مثل الجغرافيا والدراسات الاجتماعية، غير أن كلاين حرص على البحث الميداني في المواقع اليهودية السابقة، بما في ذلك جزيرة جربة في تونس، التي تضم أقدم كنيس في إفريقيا، ومدينة إزمير التركية، التي كانت مركزاً لتعليم التوراة، حيث كان كل زقاق يضم من يدرس التوراة وكل طفل يحفظ المشناه عن ظهر قلب.


وفي سوريا، أمضى كلاين ثلاثة أيام في زيارة تضمنت مناطق دمشق وحلب، وأطلال مدينة تدمر، المعروفة في التوراة باسم "تدمر"، والتي كانت محطة هامة على طرق التجارة بين الشرق والغرب. ووفقاً للمصادر، لم يقتصر برنامج الرحلة على المواقع اليهودية، بل شمل أيضاً التعرف على المعالم الأثرية والثقافية في البلاد.


ويشير التقرير إلى أن هذه الزيارة تأتي في سياق جهود لتوثيق التاريخ اليهودي في سوريا وتركيا، خصوصاً بعد أن هاجر معظم اليهود من المنطقة بسبب صعود الحركات الراديكالية والتطرف الديني في القرن العشرين، فيما بقي بعض الأفراد في سوريا.


ويذكر البروفيسور إيال زيسر، نائب رئيس جامعة تل أبيب والمتخصص في شؤون لبنان وسوريا، أن المجتمعات اليهودية في سوريا تمتلك جذوراً تاريخية عميقة، إذ بدأ استقرارها خلال وبعد سقوط الهيكل الثاني، وكانت دمشق وحلب أهم مراكز الجالية، بينما بدأت الهجرة تدريجياً إلى أوروبا والولايات المتحدة بعد فتح أبواب السفر وتحسن الظروف الأمنية.


وأكد التقرير أن هذه الزيارة ساعدت في توثيق المواقع التاريخية التي كانت تعكس حياة اليهود في سوريا وتركيا، بما في ذلك المدارس والمعابد والأحياء السكنية، وهي معلومات قد تُستخدم لأغراض بحثية ودراسات أكاديمية حول التاريخ الديني والاجتماعي للمنطقة.


رغم الطابع البحثي الظاهر للزيارة، يرى مراقبون أن لهذه الرحلة أبعادًا سياسية محتملة. توثيق الوجود اليهودي في سوريا قد يُستخدم في المستقبل لأغراض دبلوماسية أو قانونية، مثل مطالبة الحكومة السورية أو المجتمع الدولي بحقوق أو ممتلكات الجالية اليهودية السابقة، أو لتسليط الضوء على الأقليات الدينية في سوريا في سياق المناقشات الدولية حول الحريات الدينية وحقوق الإنسان.


كما يمكن النظر إلى الزيارة كخطوة لتقوية الروابط بين الجاليات اليهودية في الخارج وسوريا، وربما استخدام هذا الملف في السياسة الأمريكية أو الإسرائيلية تجاه سوريا، خصوصًا في ظل التطورات الإقليمية الأخيرة.


وبالتالي، تبقى هذه الرحلة ذات بعد مزدوج: توثيق تاريخي ثقافي، إلى جانب احتمال استخدام النتائج سياسيًا في المستقبل على الصعيدين المحلي والإقليمي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 7