أصدرت وزارة الداخلية الفرنسية تعليمات صارمة للبلديات بعدم السماح برفع الأعلام الفلسطينية على مباني البلديات والمرافق العامة قبل أن تعترف فرنسا رسميًا بالدولة الفلسطينية. وأكدت الوزارة أن "مبدأ الحياد في الخدمة العامة يحظر مثل هذه الممارسات"، مشددة على أن أي قرار يتخذه رؤساء البلديات برفع العلم الفلسطيني يجب إحالته إلى المحاكم الإدارية للفصل فيه.
ومن المقرر أن تعترف فرنسا بالدولة الفلسطينية رسميًا يوم الاثنين المقبل خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ويأتي ذلك بعد إعلان عدد من رؤساء البلديات الفرنسية عن نيتهم رفع العلم الفلسطيني على مباني بلدياتهم خلال نفس الأسبوع.
وجاءت تعليمات وزارة الداخلية الفرنسية بعد دعوة زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، الذي دعا إلى رفع العلم الفلسطيني على البلديات يوم الاثنين، وهو اليوم الذي يحتفل فيه اليهود برأس السنة العبرية. وأوضحت الوزارة أن أي عرض للعلم الفلسطيني يعد "انحيازًا في نزاع دولي"، ما يتطلب الامتناع عن هذه الخطوة حتى إعلان الاعتراف الرسمي.
وأشارت التعليمات إلى ضرورة توقف رؤساء البلديات عن رفع الأعلام، وإذا رفضوا ذلك، فيحق للسلطات إحالة القرارات إلى المحاكم الإدارية للفصل فيها. وفي هذا الصدد، أكد فور أن رؤساء البلديات ليس لديهم سلطة قانونية لمنع هذه الممارسات، وأن "المحاكم ستقرر إذا لزم الأمر"، مضيفًا أن "الوزير المنتهية ولايته يجب أن يركز على إدارة الشؤون اليومية، وليس معارضة قرار الرئيس بالاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل رمزي"، في إشارة إلى وزير الداخلية برونو ريتيلو.
وقد واجهت عدة بلديات فرنسية مواقف مماثلة في السابق، إذ اضطرت بعض البلديات إلى إزالة الأعلام الفلسطينية بعد صدور قرارات قضائية. ففي يونيو الماضي، أمرت محكمة عمدة مدينة بيزانكون بإزالة العلم الفلسطيني، معتبرة أن رفعه يمثل "انتهاكًا لمبدأ حياد الخدمات العامة". وعبرت العمدة آن فيجنوت عن صدمتها واستنكرت القرار، قائلة: "هل لم يعد إدانة المجازر ودعم شعب يعاني من الجوع تحت القصف سببًا يجمعنا تحت راية الجمهورية؟".
وفي سياق مشابه، اضطرت عمدة مدينة نيس إلى إزالة الأعلام الإسرائيلية من واجهة مبنى البلدية بعد صدور أمر قضائي مماثل، ما يعكس التزام السلطات الفرنسية الصارم بمبدأ الحياد الرسمي في القضايا الدولية الحساسة، حتى في الأمور الرمزية المرتبطة بالاعتراف بالدول أو النزاعات الإقليمية.