تقترب إيران من لحظة حاسمة على صعيد برنامجها النووي، مع اقتراب ميعاد دخول العقوبات الاقتصادية الدولية السابقة حيز التنفيذ مرة أخرى في 28 سبتمبر الجاري، ما لم يتم التوصل لاتفاق دبلوماسي يوقف التصعيد. هذه العقوبات، التي كانت مطبقة بين 2006 و2010، تشكل اليوم اختباراً جديداً لمصداقية الاتفاق النووي لعام 2015، ولقدرة الأطراف الدولية على احتواء التصعيد قبل انهيار التفاهمات القائمة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تحذيرات إيرانية مشددة
في مؤشر على تصعيد محتمل، أكد كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية الإيراني، أن طهران ستعلق بشكل كامل التفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا أعيد فرض العقوبات، معتبراً ذلك خطوة "منطقية وبديهية" في مواجهة ما وصفه بالأعمال العدائية. وأضاف غريب آبادي أن إيران ستتصرف "بيقظة تامة" وسترد بما يتوافق مع استراتيجيتها الوطنية، في رسالة واضحة إلى مجلس الأمن والدول الغربية بأن أي محاولة لتطبيق العقوبات ستقابل برد عملي سريع.
فشل تبني مشروع القرار الأوروبي
مجلس الأمن الدولي شهد الجمعة الماضية فشلاً في تبني مشروع قرار قدمته بريطانيا وفرنسا وألمانيا لمنع تفعيل آلية الزناد (سناب باك) لإعادة العقوبات على إيران. هذا الفشل يمهد الطريق أمام الدول الأوروبية الثلاث لإطلاق عملية تستمر 30 يوماً لإعادة فرض العقوبات، ما لم يحدث أي تدخل دبلوماسي عاجل.
الموقف يعكس تصاعد التوتر بين الأطراف، فروسيا والصين دعمتا إبقاء التخفيف عن إيران، بينما تصر الترويكا الأوروبية على استخدام آلية الزناد للضغط على طهران بسبب ما وصفته بـ"التقاعس الكبير" عن الالتزام باتفاق 2015.
محاولات دبلوماسية في اللحظة الأخيرة
في محاولة لتفادي الأزمة، قدم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي "خطة معقولة وقابلة للتنفيذ" إلى الدول الأوروبية الثلاث، وصفها بأنها "إبداعية وعادلة ومتوازنة"، لكنها لم تُكشف تفاصيلها بعد. بالمقابل، هدد نائب وزير الخارجية سعيد خطيب زاده باستخدام "أوراق استراتيجية" في حال إعادة فرض العقوبات، متهمًا أوروبا بتأجيج التوتر في الشرق الأوسط.
انعكاسات محتملة على السياسة الإقليمية
إعادة فرض العقوبات على إيران تحمل معها تداعيات واسعة على استقرار الشرق الأوسط، خصوصاً على ملف الطاقة والأسواق العالمية للنفط، فضلاً عن انعكاسها على مسار المفاوضات الإقليمية والدبلوماسية بين إيران والدول الغربية. من شأن التصعيد أيضاً أن يضعف فرص الحوار مع طهران في قضايا الأمن الإقليمي، بما في ذلك ملفات اليمن وسوريا ولبنان.
المحطة المقبلة
الأيام المقبلة ستكون حاسمة، حيث سيجتمع نحو 150 من قادة العالم في نيويورك ضمن اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت يترقب فيه المجتمع الدولي رد طهران على جهود الترويكا الأوروبية، ومآلات العقوبات المحتملة على الاقتصاد الإيراني والسياسة الإقليمية. هذه الاجتماعات قد تكون آخر فرصة لتجنب أزمة دبلوماسية واسعة، قبل دخول العقوبات حيّز التنفيذ فعليًا.