تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ الساعات الأولى من صباح السبت، توسيع عملياتها العسكرية داخل مدينة غزة عبر ثلاث فرق عسكرية تتحرك في وقت واحد، في تصعيد غير مسبوق يرافقه قصف جوي مكثف وأعمال قصف مدفعي عنيف استهدفت أحياء مركزية أبرزها شارع الجلاء وحي الشيخ رضوان.
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية لموقع "واللا" العبري إن التقدم الميداني خلال الساعات الأخيرة "تجاوز توقعات القيادات"، في إشارة إلى أن العملية دخلت مرحلة أكثر عمقًا من مجرد التوغلات المحدودة.
في المقابل، أكد الدفاع المدني في غزة أن 450 ألف فلسطيني نزحوا جنوبًا منذ بدء العملية في أواخر أغسطس، بينما قدّرت مصادر إسرائيلية العدد بـ 480 ألفًا، ما يكشف حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة. أما المصادر الطبية الفلسطينية فقد وثّقت مقتل ما لا يقل عن 49 شخصًا أمس الجمعة فقط، بينهم 26 في مدينة غزة.
موقف الأمم المتحدة: "الأسوأ في حياتي"
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اعتبر أن ما يجري في غزة هو "الأسوأ" الذي شهده خلال ولايته وربما في حياته كلها. وأكد أن على المجتمع الدولي عدم الرضوخ لـ"تهديدات إسرائيل بالانتقام" بسبب الاعترافات المتزايدة بالدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن تل أبيب ماضية في مخططاتها "بغض النظر عن أي خطوة".
كما حذر غوتيريش من سياسة "الضم التدريجي" التي تمارسها حكومة الاحتلال في الضفة الغربية، داعيًا إلى حشد دولي واسع للضغط من أجل وقف هذه السياسات.
أوروبا تتحرك نحو الاعتراف بفلسطين
على الصعيد السياسي، أعلنت باريس على لسان الرئيس إيمانويل ماكرون أن فرنسا ستعترف رسميًا بدولة فلسطين الاثنين المقبل بالتزامن مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وزارة الخارجية الفرنسية شددت على أن هذه الخطوة ليست رمزية، بل جزء من خطة سلام شاملة.
البرتغال بدورها أكدت أنها ستعلن اعترافها يوم الأحد، قبل أن تتبعها نحو عشر دول أخرى خلال جلسات الأمم المتحدة، في إشارة إلى تحول ملحوظ بالموقف الأوروبي.
واشنطن وتقرير "الإبادة الجماعية"
وفي تطور لافت، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه لم يطّلع بعد على التقرير الأممي المستقل الذي خلص وللمرة الأولى إلى أن إسرائيل ارتكبت "إبادة جماعية" في غزة. لكنه حاول الموازنة بالقول إن "أحداث السابع من أكتوبر كانت إبادة جماعية أيضًا".
التقرير الأممي الذي أعدته لجنة مستقلة، أكد أن قادة الاحتلال حرّضوا علنًا على الإبادة الجماعية، وهو ما يزيد الضغط الدولي على تل أبيب.
حصيلة إنسانية كارثية
65 ألف شهيد في غزة منذ بدء الحرب، معظمهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
2.4 مليون فلسطيني، أي كامل سكان غزة تقريبًا، نزح معظمهم مرة واحدة على الأقل.
استمرار انهيار الخدمات الأساسية مع تفاقم أزمة الغذاء والدواء والمأوى.
وصعّدت إسرائيل عملياتها العسكرية بعد السابع من اكتوبر 2023 إلى مستوى غير مسبوق، معتمدًة سياسة الأرض المحروقة، وسط صمت أو تواطؤ بعض القوى الدولية، في مقابل موجة اعترافات متزايدة بدولة فلسطين قد تشكّل منعطفًا في مسار الصراع.