الهجوم الذي نفذه عبد المطلب القيسي على الجنود الإسرائيليين عند جسر الملك حسين يعكس تصاعد التوترات الفردية على الحدود الأردنية-الإسرائيلية، في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة. العملية، على الرغم من طابعها الفردي، تحمل دلالات رمزية واضحة، إذ تتقاطع مع سابقة مشابهة نفذها الأردني ماهر ذياب الجازي في سبتمبر من العام الماضي، والذي أدى إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين، ما يشير إلى أن النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي بدأ ينعكس بشكل مباشر على المنطقة الحدودية الأردنية.
القيسي، عسكري متقاعد وأب لستة أبناء، استخدم مسدسًا وسكينًا لتنفيذ الهجوم، مستغلًا قرب شاحنته من نقطة التفتيش.
الروايات حول "الوصية المزعومة" التي نُسبت له نفتها عائلته رسميًا، مؤكدة أن الحادثة لم ترتبط بأي تنظيمات أو تحركات سياسية، ما يؤكد الطابع الفردي للعملية والأبعاد الرمزية لها أكثر من كونها عملًا منسقًا.
الموقف الأردني الرسمي:
المملكة الأردنية تحرص على الحفاظ على توازنها السياسي والأمني، حيث تؤكد وزارة الخارجية على رفض كل أعمال العنف، وحماية مصالح الأردن على الحدود، وضمان استمرار خطوط الإمداد الإنسانية إلى غزة.
الوزارة تتابع أوضاع السائقين الأردنيين الذين عبروا الجسر لتقديم المساعدات، لضمان عودتهم بأمان، ضمن تنسيق مستمر مع الجهات الأمنية.
الأردن تمكن من نقل 8664 شاحنة مساعدات عبر 201 قافلة منذ بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، ما يبرز الدور الحيوي للمملكة في مواجهة الكارثة الإنسانية التي يعانيها القطاع، وحماية المدنيين من تداعيات الحرب المستمرة.
الخلفيات السياسية والأمنية:
الحادثة تثير مخاوف أردنية من إمكانية استخدام إسرائيل العمليات الفردية على الحدود ذريعة لتوسيع عملياتها العسكرية في الضفة الغربية، أو تشديد القيود على المعابر، بما قد يمس مصالح الأردن الإقليمية واستقراره الداخلي. الغضب الشعبي الأردني من استمرار العدوان على غزة يضيف ضغطًا سياسيًا على الحكومة، ما يجعل الحفاظ على التوازن بين الرد الدبلوماسي والضغوط الأمنية على الحدود تحديًا مركزيًا.
السلطات الأردنية ترى أن أي توظيف إعلامي أو سياسي للحوادث الفردية قد يبرر مزيدًا من الإجراءات العسكرية الإسرائيلية، وهو ما حذرت منه عمان مسبقًا، معتبرة أن استقرار الحدود وأمن السكان الأردنيين مرتبط ارتباطًا مباشرًا بسلوك الجانب الإسرائيلي.
انعكاسات محتملة على العلاقة الأردنية-الإسرائيلية:
الحادثة تضع الأردن أمام تحديات مزدوجة: حماية مصالحه الأمنية على الحدود، وضمان استمرار إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عرقلة، في ظل تزايد الغضب الشعبي والتوتر الإقليمي، أي عملية فردية على الحدود قد تصبح أداة ضغط على إسرائيل، ما يزيد عزلة تل أبيب سياسيًا ويحد من حرية تحركها في تنفيذ سياسات توسعية أو تهجير في الضفة وغزة، بينما تحافظ عمان على استراتيجيتها القائمة على الدبلوماسية وحماية خطوط الإمداد.