تُظهر المحادثات الأخيرة بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية اتجاهاً دولياً لإعادة هيكلة الإدارة في قطاع غزة بعد الحرب، وفق ما نقلته وكالة رويترز عن السفير الأمريكي في إسرائيل مايك هاكابي، فإن الولايات المتحدة تبحث إمكانية تسليم دول خليجية مسؤولية إدارة القطاع، مع الإبقاء على إشراف أمريكي لضمان الرقابة على العمليات والسياسات في غزة.
هذه المبادرة تأتي في سياق عدم رغبة واشنطن في العمل مباشرة مع السلطة الفلسطينية في حال استمرت قيادتها في تقديم الدعم للأفراد أو الأسر المرتبطة بما تصفه الولايات المتحدة بأنشطة إرهابية، ما يعكس التوتر المستمر بين الإدارة الأمريكية والقيادة الفلسطينية بشأن الممارسات الداخلية للقطاع.
الإطار الدولي للتسوية:
يأتي هذا التوجه الأمريكي-الخليجي بعد انعقاد مؤتمر دولي في نيويورك برئاسة مشتركة من السعودية وفرنسا، حيث شدد المشاركون على ضرورة اتخاذ خطوات محددة زمنياً لتحقيق حل الدولتين. البيان الختامي للمؤتمر أكّد التزام الأطراف بإنهاء الحرب في غزة والسعي لتسوية عادلة ومستدامة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بما يضمن مستقبلًا أفضل للشعوب في المنطقة.
في هذا السياق، يبرز التعارض بين المواقف الدولية: 147 دولة اعترفت بدولة فلسطين، بينها روسيا، في حين استخدمت الولايات المتحدة في 2024 حق النقض ضد عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، مما يعكس الانقسام الدولي حول آليات التسوية.
خلفيات دبلوماسية وسياسية:
المبادرة الأمريكية لتسليم دول خليجية إدارة غزة تأتي ضمن محاولات لتخفيف الأعباء الأمنية والسياسية عن الولايات المتحدة، وضمان إشراف مباشر على القطاع دون الاضطرار للعمل مع السلطة الفلسطينية، التي يصفها الجانب الأمريكي بأنها غير ملتزمة بمعايير الأمن والاستقرار.
الجانب الروسي يؤكد على أن أي تسوية لا يمكن أن تكون فعالة إلا على أساس قرار مجلس الأمن الدولي، بما يشمل إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هذا الموقف يعكس التحدي الذي تواجهه المبادرات الأمريكية والخليجية في إحداث أي تغيير فعلي على الأرض، إذ أن أي إدارة جديدة للقطاع يجب أن تراعي المعايير الدولية والحقوق الفلسطينية المعترف بها.
إذا تم تفعيل دور دول الخليج في إدارة غزة، فقد يترتب على ذلك عدة آثار: تعزيز الدور الخليجي في المنطقة، تقليل النفوذ المباشر للسلطة الفلسطينية، وإعادة تشكيل إدارة المساعدات والسياسات المحلية في القطاع. في الوقت ذاته، يتيح الإشراف الأمريكي ضمان توازن القوى والحفاظ على مصالح واشنطن الاستراتيجية في الشرق الأوسط، لكنه يواجه تحديات تتعلق بقبول الفصائل الفلسطينية والمجتمع الدولي لهذه الخطوة.