في مقابلة حصرية مع "MBC مصر"، خرج وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ليضع المنطقة أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها: سوريا في خطر.
تصريحات فيدان لم تقتصر على التحذير، بل حملت تحليلًا دبلوماسيًا واستراتيجيًا لسياسات إسرائيل التوسعية، وللتحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الإدارة السورية الجديدة، مع مرور أكثر من عقد على الأزمة السورية، يظهر واضحًا أن الحلول الفردية لم تعد مجدية، وأن التعاون الإقليمي والدولي أصبح ضرورة ملحة للحفاظ على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
السياق الإقليمي والأزمة السورية المستمرة
يؤكد فيدان أن الأزمة السورية لم تعد مجرد مشكلة داخلية، بل قضية إقليمية تؤثر مباشرة على دول الجوار، خصوصًا العراق ولبنان والأردن. البنية التحتية المتضررة، والنقص الحاد في التمويل، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، كلها عوامل جعلت سوريا أرضًا خصبة للتهديدات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها التوسع الإسرائيلي. في هذا السياق، يصبح فهم السياسة الإسرائيلية في المنطقة أمرًا جوهريًا لتقييم المخاطر المقبلة.
السياسات الإسرائيلية وتداعياتها على المنطقة
وصف فيدان التوسع الإسرائيلي بأنه "التهديد الأخطر على سوريا والمنطقة بأكملها". إسرائيل، بحسب الوزير، لا تكتفي بممارسة الضغط العسكري المباشر، بل تسعى إلى فرض سياسات توسعية تؤثر على استقرار الدول المجاورة. هذه السياسات لم تقتصر على سوريا فحسب، بل امتدت لتشمل لبنان، غزة، وحتى تهديد المصالح التركية والإقليمية. التحليل الاستراتيجي يشير إلى أن أي تحرك إسرائيلي مستقبلي قد يؤدي إلى تصعيد شامل إذا لم يتم احتواءه دبلوماسيًا.
الإدارة السورية الجديدة وفرص التعاون
تناول فيدان في تصريحاته الدور المتوقع للإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، مشيرًا إلى الرسائل الإيجابية التي أبدتها دمشق تجاه التعاون الإقليمي. وفق الوزير، هناك تفاهم حول معالجة القضايا الرئيسية مثل مكافحة الإرهاب، حماية الأقليات، وإعادة بناء البنية التحتية. هنا يظهر عنصر الأمل الدبلوماسي: إمكانية خلق مساحة تفاهم بين دمشق وجيرانها، بما يعزز فرص الحلول المستدامة.
التعاون الإقليمي كخط دفاع استراتيجي
هاكان فيدان شدد على أهمية التعاون الإقليمي بين تركيا ومصر والسعودية والأردن والعراق وقطر والإمارات. هذا التعاون ليس مجرد حوار سياسي، بل يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية، التنسيق الأمني، ودعم إعادة الإعمار في المناطق المتضررة. الوزير يرى أن الرؤية المشتركة للإدارة السورية الجديدة مع دول الجوار يمكن أن تشكل قاعدة صلبة لمعالجة الأزمة السورية بطريقة استراتيجية متكاملة.
الأبعاد الاقتصادية وحاجة سوريا للتمويل
واحدة من أهم النقاط التي تناولها فيدان هي الأزمة الاقتصادية السورية. مشكلات التمويل والبنية التحتية تعيق أي عملية إعادة إعمار، وتزيد من هشاشة الدولة أمام الضغوط الخارجية. من هذا المنطلق، شدد الوزير على ضرورة تعزيز التحالفات الاقتصادية الإقليمية، واعتبارها أدوات أساسية لدعم سوريا واستقرار المنطقة، وهو ما يتطلب تضافر الجهود بين الدول العربية وتركيا، بالإضافة إلى منظمات دولية متعددة الأطراف.
تطوير المؤسسات الدولية لمواجهة التحديات
أكد الوزير على ضرورة تطوير مجلس الأمن والأمم المتحدة لتصبح أكثر شمولية وفعالية في مواجهة الأزمات الإقليمية. يرى فيدان أن المؤسسات الدولية الحالية لم تعد كافية للتعامل مع التهديدات المعقدة التي تواجه الشرق الأوسط، وأن الإصلاح المؤسساتي ضروري لإعادة الثقة في الدبلوماسية متعددة الأطراف.
التحذير من الانزلاق إلى التصعيد
حذر الوزير من أن عدم التعاون الإقليمي والدولي، وغياب رؤية استراتيجية مشتركة، قد يؤدي إلى تصعيد مفتوح في سوريا والمنطقة. أي تحرك أحادي الجانب، خصوصًا من قبل القوى التوسعية، سيكون له عواقب وخيمة على الأمن والاستقرار، وقد يحول المنطقة إلى مسرح لصراعات إقليمية واسعة النطاق.
دور تركيا كحلقة وصل إقليمية
تركيا، بحسب فيدان، مستعدة للعب دور أساسي في تنسيق الجهود الإقليمية، سواء من خلال تقديم الدعم الاقتصادي أو الأمني أو السياسي، بما يسهم في تحقيق استقرار سوريا، ومنع أي تصعيد محتمل. هذا الدور يعكس استراتيجية تركيا في الحفاظ على مصالحها الوطنية، وفي الوقت نفسه تعزيز الأمن الجماعي للمنطقة.
تصريحات وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، تشكل خارطة طريق لفهم الوضع الإقليمي المعقد، وتقدم رؤية واضحة حول التهديدات الإسرائيلية، وأهمية التعاون الإقليمي، وضرورة إصلاح المؤسسات الدولية لمواجهة الأزمات. سوريا، كما يشير الوزير، في مفترق طرق: إما أن ينجح الحوار الإقليمي والدولي في بناء حلول مستدامة، أو أن تندلع أزمات أكبر تعمق الفوضى وتزيد من هشاشة المنطقة. تحليل تصريحات فيدان يظهر أن تركيا مستعدة لدور قيادي، ولكن الحلول المستدامة تحتاج لتضافر كل الأطراف المعنية، بما في ذلك الدول العربية والمجتمع الدولي.