في تقرير نشرته صحيفة جيروزالم بوست كشفت ثلاثة مصادر دبلوماسية مطلعة أن الإمارات العربية المتحدة تدرس خفض مستوى علاقاتها مع إسرائيل إذا أقدمت حكومة بنيامين نتنياهو على تنفيذ مخططات ضم الضفة الغربية، كلياً أو جزئياً.
هذه التطورات تمثل تحدياً مباشراً لاتفاقيات إبراهيم التي شكلت منذ توقيعها عام 2020 نقطة تحوّل في العلاقات العربية – الإسرائيلية، وتُعد الإمارات طرفها الأكثر وزناً سياسياً واقتصادياً.
ضغوط الضم والانتخابات الإسرائيلية
تزايد الحديث داخل إسرائيل عن ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وذلك في ظل ضغوط الأحزاب اليمينية المتشددة داخل الائتلاف الحكومي.
يرى مراقبون أن نتنياهو يحاول استخدام ورقة الضم كوسيلة لتعزيز شعبيته قبيل الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة في 2026، خصوصاً مع تصاعد نفوذ شخصيات يمينية مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير، اللذين يدعوان صراحة إلى فرض السيادة الإسرائيلية على معظم أراضي الضفة.
موقف الإمارات: "خط أحمر"
الإمارات، التي كانت قد راهنت على التطبيع لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني والاستخباراتي، حذرت بوضوح من أن أي خطوة إسرائيلية في اتجاه الضم ستكون "خطاً أحمر".
بحسب مصادر دبلوماسية، فإن أبوظبي تدرس خيارات تبدأ من سحب سفيرها لدى تل أبيب وصولاً إلى خطوات أخرى، دون أن تصل – حتى اللحظة – إلى التفكير بقطع العلاقات كلياً.
إشارات مبكرة للتوتر
القرار الإماراتي الأخير بمنع شركات الدفاع الإسرائيلية من المشاركة في معرض دبي للطيران في نوفمبر المقبل، مثّل رسالة مباشرة على حجم التوتر.
كما أن تصريحات لانا نسيبة، مندوبة الإمارات في الأمم المتحدة، أكدت أن الضم سيقوض اتفاقيات إبراهيم وينسف فكرة "التكامل الإقليمي".
تراكم الخلافات منذ 2023
رغم الطابع الإستراتيجي للعلاقة بين أبوظبي وتل أبيب، إلا أن الخلافات بدأت بالظهور منذ عودة نتنياهو للحكم عام 2023، وتشكيله أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل.
اعتراض الإمارات شمل محاولات بن غفير المتكررة لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، إضافة إلى انتقاداتها العلنية للحصار العسكري المفروض على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إعلان نتنياهو مؤخراً أنه "لن تكون هناك دولة فلسطينية أبداً" زاد من تعقيد الموقف، في ظل إصرار الإمارات على أن إقامة دولة فلسطينية شرط لاستقرار المنطقة.
ضغوط عربية وإسلامية
الهجوم الإسرائيلي الأخير على الدوحة، والذي استهدف قيادات من حركة حماس، أثار ردود فعل غاضبة. أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، وصف الضربة بأنها "غادرة"، فيما دعا اجتماع طارئ للدول الإسلامية في قطر إلى مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل.
اتفاقيات إبراهيم على المحك
عندما تم توقيع اتفاقيات إبراهيم عام 2020، تعهد نتنياهو بتجميد الضم لأربع سنوات. لكن بانتهاء هذه المهلة، عاد ملف الضفة ليطفو على السطح، مهدداً بإنهاء واحدة من أبرز مبادرات التطبيع العربي – الإسرائيلي.
من منظور إماراتي، تمثل هذه التطورات اختباراً حقيقياً لجدوى الرهان على إسرائيل شريكاً إقليمياً، خصوصاً في ظل السياسات اليمينية التي تنسف أسس الحل السياسي.
باتت العلاقات الإماراتية – الإسرائيلية في مواجهة مفترق طرق صعب، فبينما تراهن تل أبيب على استمرارية المصالح الاقتصادية والأمنية، ترى أبوظبي أن الخطوط الحمراء الفلسطينية لا يمكن تجاوزها دون ثمن سياسي ودبلوماسي باهظ.
إذا مضت إسرائيل في الضم، فإن اتفاقيات إبراهيم قد تفقد أهم أعمدتها، لتتحول من "اختراق تاريخي" إلى "تجربة عابرة" لم تصمد أمام صراع مفتوح لم يجد بعد طريقه إلى الحل.