الواقع السياسي اللبناني يشهد توتراً متزايداً مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، حيث تتشابك العوامل الداخلية مع الضغوط الخارجية، تصريحات النائب إيهاب حمادة خلال لقاء في مجمع السيدة زينب تسلط الضوء على تحدٍ مركب يواجه لبنان، يتعلق بمحاولات دفع البلاد نحو صدام داخلي تحت ذرائع متعددة، من بينها ما يوصف بالورقة الأميركية.
الصدام الداخلي: تهديد قائم وخطر مؤثر
حمادة أكد أن هناك من يسعى لتأجيج صراع داخلي، وأن أي انزلاق في هذا الاتجاه سيحقق أهدافاً تخدم مشاريع خارجية، منها محاولات تقسيم لبنان واستغلال الفراغ السياسي لصالح مصالح إسرائيلية. الموقف يكشف أن الصدام ليس مجرد تهديد نظري، بل جزء من حسابات استراتيجية تتقاطع مع الأوضاع في سوريا، خصوصاً الأحداث في السويداء، التي تُستخدم كمدخل لتبرير التحركات داخل لبنان.
الورقة الأميركية: أداة ضغط أم تحريك للأزمات؟
حمادة ربط بين الصدام الداخلي والورقة الأميركية، وهو ما يشير إلى دور الولايات المتحدة في تحديد سقف التحركات السياسية في لبنان، الورقة تبدو مرتبطة بجهود إضعاف تمثيل الطائفة الشيعية عبر الانتخابات المقبلة، وخلق كيانات انتخابية منافسة، وهو ما يضع لبنان أمام تحدٍ مزدوج: مواجهة التأثير الخارجي والتوازنات الداخلية التي يمكن أن تتحول إلى صراع مفتوح.
محاولات إضعاف الثنائي الشيعي: استراتيجية داخلية وخارجية:
التركيز على إضعاف الثنائي الوطني يعكس صراعاً حول تمثيل الطائفة الشيعية في البرلمان، يسعى إلى تحقيق انقلاب سياسي جزئي عبر استخدام ثلاث مؤسسات دستورية في الوقت نفسه.
السيناريو لا يقتصر على الصراع المحلي، بل يرتبط باستراتيجية أوسع لتقليص قدرة القوى الوطنية على تشكيل جبهة متماسكة أمام الضغوط الخارجية.
الأبعاد الإقليمية: تقاطع لبنان مع سوريا وإسرائيل
ما أشار إليه حمادة حول السويداء يوضح أن لبنان ليس معزولاً عن السياق الإقليمي، وأن أي تحرك داخلي قد يستفيد من تحولات إقليمية لصالح مشاريع تهدد الاستقرار، العلاقات مع إسرائيل والتهديدات المرتبطة بها تفرض على الداخل اللبناني الانتباه لمخاطر الانزلاق إلى صراع مسلح داخلي يضعف موقع الدولة ويزيد من هشاشة النظام السياسي.
الورقة الاستراتيجية: ثبات في مواجهة التحديات
أبرز أن ثبات القوى الوطنية كان ضرورياً لتجنب الانزلاق، وأن أي خطوة نحو الصدام تحقق أهدافاً خارجية على حساب لبنان، هنا يبين الحاجة إلى قراءة دقيقة للمعطيات السياسية قبل أي تصعيد، ويرسم صورة لحالة إدارة الصراع الداخلي عبر ضبط التحركات وتوحيد المواقف الوطنية لمواجهة المخاطر.
التحديات الانتخابية: بين القانون والمخاطر
يرى مراقبون أن الانتخابات المقبلة تشكل اختباراً حقيقياً لقدرة لبنان على إدارة الاستحقاقات دون الانزلاق نحو صراعات مفتوحة، محاولات إضعاف الثنائي الشيعي تؤثر على تمثيل الطائفة في البرلمان، وهذا قد يغير خريطة القوى بشكل يتيح نفوذ أكبر للقوى الخارجية.
الوضع يستدعي إجراءات عاجلة لضمان نزاهة العملية الانتخابية، وتوفير بيئة سياسية مستقرة تسمح بمشاركة فعالة للمغتربين والداخل على حد سواء.
التداعيات المحتملة: سيناريوهات متعددة:السيناريو الأول يتمثل في التصعيد الداخلي، الذي قد يقود إلى صراع سياسي واسع ويزيد من هشاشة الدولة. السيناريو الثاني يرتبط بالثبات السياسي، والحفاظ على الاستحقاقات ضمن الأطر القانونية، مع فتح نقاش إصلاحي حول الانتخابات لضمان تمثيل عادل.
أي خيار آخر، مثل الانزلاق نحو صدام مفتعل، قد يضاعف التحديات الاقتصادية ويضع لبنان أمام مواجهة مع المجتمع الدولي بشأن التزامه بالديموقراطية واستقراره السياسي.
ضبط المسار الوطني:
يرى خبراء في الشأن السياسي والدستوري أن الحفاظ على استقرار لبنان يتطلب مقاربة مزدوجة: التمسك بالاستحقاقات الدستورية والانتخابات ضمن المهل المحددة، مع تنفيذ إصلاحات تدريجية في القانون الانتخابي لضمان تمثيل عادل، وضبط التمويل الانتخابي، وتسهيل مشاركة المغتربين.
هذه الإجراءات تؤسس لمسار سياسي مستقر وتمنع القوى الداخلية والخارجية من استغلال الفراغ لتحقيق أهداف خاصة.
من جانبه، تصريحات حمادة تشير إلى هشاشة الوضع السياسي في لبنان، وتكشف أن أي محاولة للعب على الورقة الأميركية أو تسهيل الصدام الداخلي قد تهدد استقرار الدولة. الثبات الوطني والحفاظ على الاستحقاقات القانونية يمثلان أفضل سبيل لتجنب الانزلاق، بينما تشكل الإصلاحات الانتخابية الوسيلة لتعزيز المصداقية وإبقاء العملية الديموقراطية حية، لبنان اليوم أمام اختبار دقيق، يتطلب قراءة واعية للمعطيات الداخلية والإقليمية لضمان الحفاظ على الدولة والمجتمع في مواجهة كل محاولات الاستغلال السياسي.