يواصل لبنان تعزيز برنامجه الوطني للوجبات المدرسية، الذي أُطلق في 2016 بدعم برنامج الأغذية العالمي، ليشمل اليوم أكثر من 107 آلاف طفل في 323 مدرسة حكومية بعد أن كان يقتصر على 10 آلاف طالب فقط في 22 مدرسة.
التوسع يعكس قدرة البرنامج على التكيف مع التحديات، لا سيما خلال الصراعات التي شهدتها البلاد العام الماضي والتي عطلت العملية التعليمية مؤقتا.
إعادة تفعيل مطابخ المدارس لدعم المجتمعات المتضررة أبرزت الدور الحاسم للوجبات المدرسية كشبكة أمان للأطفال والأسر الأكثر ضعفاً، ما جعل البرنامج عنصراً أساسياً في دعم استمرارية التعليم والتغذية المتوازنة في بيئة غير مستقرة.
ربط التغذية بالتعليم والنمو الشامل:
وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي قالت إن البرنامج يدمج الوجبات المدرسية ضمن إطار الصحة المدرسية، ويستهدف جميع جوانب نمو الطفل: البدنية والنفسية والاجتماعية والأكاديمية، هذا النهج يشكل وسيلة لتعزيز قدرة المجتمع على الصمود في مواجهة الأزمات المستمرة، ويتيح تحسين تغذية الأطفال وتأثيرها الإيجابي على نواتج التعلم، مع تقديم دعم مباشر للأسر الأكثر حاجة.
اعتماد الحلول المحلية واستدامة البرنامج:
الوجبات تعتمد على مكونات محلية بنسبة 92 بالمئة، ويتم تجهيزها عبر 12 مطبخاً مدرسياً يديرها 201 طاقم، ما يغطي وجبات نحو 24 ألف طفل يومياً الآلية تدعم تجار التجزئة المحليين والأمهات والشركات الصغيرة والمتوسطة، ما يخلق قيمة اقتصادية واجتماعية تصل إلى 20 دولاراً مقابل كل دولار يُستثمر في البرنامج.
بهذا الشكل، يُعزز البرنامج الأمن الغذائي المحلي ويوفر فرص عمل ويخفف الضغط الاقتصادي على الأسر، حيث تغطي الوجبات حوالي 10 بالمئة من احتياجات الطفل الغذائية اليومية.
الدور الدولي والشراكات:
لبنان انضم إلى التحالف العالمي للوجبات المدرسية في 2023، ما يؤكد الالتزام بتحقيق برنامج مستدام بقيادة وطنية.
ويستفيد البرنامج من دعم فرنسا وإيطاليا وجمهورية كوريا والنرويج وفنلندا وألمانيا، ما يعكس الاهتمام الدولي بتوسيع نطاقه واستدامته على المدى الطويل.
حضور لبنان في القمة العالمية الثانية للوجبات المدرسية في البرازيل يمثل فرصة لمناقشة التحديات الدولية وتبادل الخبرات حول أفضل الممارسات في هذا المجال، ويتيح ربط السياسات الوطنية بالجهود العالمية لتعزيز الأمن الغذائي والتعليم للأطفال.
التأثير الاجتماعي والاقتصادي للبرنامج:
برنامج الوجبات المدرسية أصبحت اليوم أكبر شبكة أمان اجتماعي عالمياً، حيث تصل إلى 466 مليون طفل حول العالم وفق تقرير حالة التغذية المدرسية الصادر مؤخراً، الأدلة تشير إلى أن هذه البرامج تحافظ على استمرارية التعليم، تحسن نواتج التعلم، وتعزز النظم الغذائية الصحية، مع خلق فرص اقتصادية إضافية عبر دعم الإنتاج المحلي وتوفير فرص عمل للمجتمع، ربط المطابخ المدرسية بالمزارعين المحليين والأسر الصغيرة يعزز من كفاءة استهلاك الموارد ويخلق دورة اقتصادية مستدامة مرتبطة بالقطاع التعليمي والغذائي في الوقت ذاته.
آفاق التوسع والاستدامة:
البرنامج يسعى لتوسيع نطاقه في السنوات القادمة ليشمل المزيد من المدارس الحكومية ويصبح جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات التعليم والصحة الوطنية، التركيز على الاستدامة يعني تطوير آليات التمويل والإدارة المحلية، وضمان استمرار دعم الشركاء الدوليين، مع الحفاظ على جودة المكونات الغذائية وتنوعها لتلبية احتياجات الأطفال.
نجاح البرنامج في لبنان يمكن أن يشكل نموذجاً للدول الأخرى في المنطقة، خاصة تلك التي تواجه أزمات اقتصادية وسياسية مشابهة، حيث يوضح كيف يمكن للسياسات الوطنية والشراكات الدولية أن تحقق أثراً مزدوجاً على التعليم والأمن الغذائي.