شهدت إسرائيل خلال العام الجاري موجة هجرة غير مسبوقة، إذ غادر نحو 79 ألف مواطن البلاد دون نية العودة، في مؤشر يعكس تدهور الثقة في القدرة الأمنية للدولة وتأثير النزاع في غزة على الحياة اليومية.
هذه الحركة السكانية لا تقتصر على آثار الحرب المباشرة، بل تتداخل مع أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية متراكمة، ما يجعلها أحد أبرز التحديات التي تواجه الداخل الإسرائيلي في الوقت الراهن.
الحرب على غزة كمحرك رئيسي:
تعتبر الحرب المستمرة على غزة منذ 7 اكتوبر 2023 المحفز الأساسي للهجرة، خصوصاً في مناطق غلاف غزة التي عانت من القصف والصواريخ بشكل متكرر.
هذه الظروف أدت إلى شعور واسع بعدم الأمان، ما دفع الأسر إلى البحث عن ملاذات أكثر استقرارا خارج البلاد، كما ساهمت المخاطر اليومية في تحفيز العاملين والمهنيين على اتخاذ قرار الهجرة بشكل نهائي.
الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على المجتمع:
الضغوط الاقتصادية المصاحبة للحرب لعبت دوراً محورياً في قرار الهجرة، فارتفاع كلفة المعيشة وتراجع فرص العمل وزيادة البطالة جعل العديد من العائلات تبحث عن بدائل توفر لها حياة مستقرة.
إضافة إلى ذلك، تصاعد الانقسامات الاجتماعية والسياسية، خصوصاً بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها، زاد من الشعور بعدم الاستقرار الداخلي.
أرقام الهجرة والسكان:
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء أن عدد سكان إسرائيل بلغ خلال العام الجاري 10,148,000 نسمة، يشكل اليهود منهم 7,758,000 (78,5%) والعرب 2,130,000 (21,5%)، إضافة إلى 260 ألف مواطن أجنبي. بعد خصم المهاجرين الجدد، يصبح عدد الإسرائيليين المقيمين حوالي 9,888,000 نسمة، وهو ما يعكس خسارة ديموغرافية مهمة.
دلالات سياسية وأمنية:
ارتفاع أعداد المهاجرين يضع الحكومة الإسرائيلية أمام تحديات سياسية وأمنية كبيرة. فالهجرة "بلا عودة" تشير إلى فقدان الثقة بمؤسسات الدولة، خصيصاً الجيش والقدرة على حماية المواطنين في مناطق النزاع، الظاهرة قد تؤثر على تركيبة المجتمع الإسرائيلي، وعلى استعداد الدولة لمواجهة أي أزمات مستقبلية.
انعكاسات طويلة المدى:
وفق صحف عبرية فإن استمرار الهجرة ، فقد تؤدي إلى تراجع أعداد السكان النشيطين اقتصادياً، ما يضعف النمو ويزيد الضغوط على الخدمات العامة. كما أن فقدان المهارات والخبرات يعقد جهود الحكومة في إعادة بناء مناطق النزاع ودعم الاقتصاد بعد انتهاء أي عمليات عسكرية مستقبلية.