في تحول مفاجئ عن خطاب القوة والتفاؤل الذي اعتاد على إطلاقه، أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً مؤشرات على قلق إستراتيجي يلوح في أفق إسرائيل.
فقد انتقل من شعاره المعروف بأن بلاده "على بُعد خطوة من النصر"، إلى تحذيرات تتعلق بالعزلة الدولية وصعوبات الاستيراد وتعويل على "اقتصاد أوتاركي" قائم على الاكتفاء الذاتي.
إقرار صريح بالضغوط الإستراتيجية:
يرى الكاتب الإسرائيلي درور مارمور، في مقاله بصحيفة "غلوبس"، أن خطورة تصريحات نتنياهو تكمن في أنها صدرت منه شخصياً، وليست من خصومه أو معارضيه السياسيين، ما يجعلها بمثابة اعتراف مباشر بمأزق إستراتيجي، فالمؤشرات التي أشار إليها نتنياهو – من محاولات دولية لفرض عقوبات إلى تراجع القدرة على تأمين السلاح – تعكس إدراكه بأن الأدوات التي استخدمتها إسرائيل لتحقيق النجاح في الماضي لم تعد مضمونة في المستقبل.
تناقض بين الواقع الاقتصادي وخطاب الانكماش:
يبرز الكاتب المفارقة بين الأداء الاقتصادي الإسرائيلي الحديث، الذي يشهد توسع شركات عالمية مثل "إنفيديا" و"أبل" و"غوغل"، وبين خطاب نتنياهو الذي يوحي بالعزلة والانكماش، هذا التناقض يطرح تساؤلات جدية حول قدرة الحكومة على الحفاظ على ثقة الشركات الكبرى والمستثمرين في السوق الإسرائيلية، خاصة إذا استمرت الرسائل الرسمية في تصوير إسرائيل كدولة منغلقة تعتمد على الاكتفاء الذاتي بدلاً من الاندماج في الاقتصاد العالمي.
خيال سياسي أم استراتيجية قابلة للتطبيق؟
مارمور يشير إلى أن مقاربة نتنياهو القائمة على الجمع بين "أثينا وإسبارطة" – أي الجمع بين الانفتاح الاقتصادي والثقافي والانغلاق العسكري – تمثل "وهمًا مستحيلًا". أثينا رمز الثقافة والديمقراطية، بينما جسدت إسبارطة الانغلاق والتعبئة العسكرية الصارمة، والدمج بينهما، يصعب دعمه على أرض الواقع دون خلق تناقضات داخلية تهدد الإستراتيجية الشاملة للدولة.
انعكاسات على الداخل والخارج:
الخطاب الجديد قد يؤثر ليس فقط على الاقتصاد بل على السياسة الخارجية أيضًا، إذ يثير مخاوف من عزلة متزايدة وإضعاف التحالفات الدولية التي كانت إسرائيل تسعى لتقويتها بعد حربها الأخيرة.