التحذير الإسرائيلي الأخير باستهداف ميناء الحديدة لا يمكن قراءته كحدث منفصل، بل كحلقة جديدة في سلسلة صراعات متشابكة تمتد من غزة إلى لبنان وصولا إلى البحر الأحمر. فاختيار الحديدة بالذات ليس مجرد رد عسكري، وإنما يعكس حسابات استراتيجية أعمق ترتبط بأمن الممرات البحرية الدولية وبالصراع الإقليمي مع الحوثيين وحلفائهم. هذا التطور يكشف كيف تحول البحر الأحمر إلى ساحة مفتوحة تتقاطع فيها المصالح العسكرية بالاعتبارات الإنسانية والتجارية، في لحظة إقليمية شديدة التعقيد.
أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، أنه يعتزم استهداف ميناء الحديدة اليمني خلال الساعات المقبلة، داعيا جميع المتواجدين داخله والسفن الراسية إلى الإخلاء الفوري. واعتبر أن الميناء يُستخدم من قبل الحوثيين لأغراض عسكرية تهدد أمن إسرائيل والملاحة الدولية.
البحر الأحمر كساحة ممتدة للصراع:
تصعيد إسرائيل في البحر الأحمر يعكس اتساع رقعة المواجهة. فمنذ اندلاع حرب غزة، وسع الحوثيون نطاق هجماتهم على السفن باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، ما دفع تل أبيب إلى نقل المواجهة إلى العمق اليمني. الهدف هنا ليس فقط الرد على تلك الهجمات، بل أيضا تحييد جبهة جديدة تهدد خطوط التجارة العالمية.
البعد الإنساني للميناء:
ميناء الحديدة يمثل شريانا رئيسيا لإمداد ملايين اليمنيين بالغذاء والدواء، وهو ما يضع أي استهداف في دائرة الجدل. فبينما تبرر إسرائيل خطوتها باعتبارات أمنية، فإن التداعيات الإنسانية قد تكون كارثية، وقد تدفع نحو موجة إدانات دولية جديدة تضعها في موقف أكثر عزلة على الساحة السياسية.
الرسائل وراء التهديد:
تهديد الحديدة يحمل رسائل متعددة. فهو يوجه للحوثيين إنذارا بأن استهداف الملاحة لن يمر بلا عقاب، كما يرسل رسالة تريد تل أبيب التأكيد أنها ستتحرك لحماية مصالحها البحرية حتى لو اصطدمت بالتحفظات الدولية أو بالمخاوف الإنسانية.
التداعيات الإقليمية:
تنفيذ الضربة قد يشعل موجة جديدة من الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر، مما يوسع دائرة النزاع البحري ويهدد ممرات التجارة العالمية. في المقابل، فإن أي استهداف مباشر للبنية التحتية الإنسانية في الحديدة سيضع إسرائيل تحت ضغط دبلوماسي متزايد ويفرض على واشنطن والأمم المتحدة التحرك لاحتواء التوتر.
السيناريوهات المتوقعة:
السيناريو الأول يتمثل في ضربة محدودة تستهدف مواقع عسكرية داخل الميناء مع محاولة تفادي تعطيل النشاط المدني، وهو ما يقلل الكلفة السياسية على إسرائيل. السيناريو الثاني قد يكون تصعيدا واسعا يطال البنية التحتية للميناء بكاملها، ما يفاقم الأزمة الإنسانية ويدفع الحوثيين إلى رد انتقامي أكبر. أما السيناريو الثالث فهو الاكتفاء بالتهديد كأداة ضغط سياسية ورسالة ردع، من دون تنفيذ فوري للضربة، في انتظار توازنات الميدان وردود الفعل الدولية.
سياق أوسع للصراع:
يبقى تهديد الحديدة جزءا من مشهد إقليمي أكبر فإسرائيل تقاتل في غزة، وتفتح الآن جبهة البحر الأحمر في مواجهة الحوثيين. هذا التمدد يعكس أن الصراع لم يعد محصورا في جغرافيا واحدة، بل تحول إلى نزاع إقليمي تتداخل فيه الأبعاد الاستراتيجية والاقتصادية والإنسانية.