بينانس تعيد سوريا إلى الاقتصاد الرقمي العالمي
رزان الحاج
مع تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، بدأت ملامح إعادة الاندماج في النظام المالي العالمي تتضح، بعد سنوات من العزلة الاقتصادية والقيود المشددة التي شملت الحظر النفطي وتجميد الأصول ومنع الصادرات، والتي أدت إلى شلّ الحركة المالية وحرمان السوريين من التعاملات المصرفية عبر الحدود.
في هذا السياق، توفر منصات مثل بينانس للمستخدمين السوريين الآن الوصول إلى مئات الأصول الرقمية وخدمات التداول الفوري والمستقبلي، ومنتجات التجميد والربح والعملات المستقرة، إضافة إلى خدمة Binance Pay التي تسهّل الحوالات المالية عبر الحدود. وتمثل هذه الخطوة نقلة نوعية، إذ تمنح السوريين القدرة على المشاركة الفعلية في النظام المالي العالمي لأول مرة منذ سنوات طويلة.
ولا تقتصر آثار هذه التطورات على الحوالات المالية فقط، بل تمتد لتشمل ريادة الأعمال والتعليم والابتكار. فالشركات الصغيرة أصبحت قادرة على قبول المدفوعات الرقمية، والوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، وتقليل الاعتماد على النقد أو الائتمان غير الرسمي. كما أصبح بإمكان المطورين الشباب والطلاب والمبدعين السوريين دخول عالم Web3، واكتساب المهارات الرقمية اللازمة لبناء مسارات وظيفية جديدة، بما يتناسب مع الاقتصاد المعرفي العالمي.
إلى جانب ذلك، تتيح تقنية البلوكشين مستوى عالياً من الشفافية والاستقرار، وهو عامل مهم في بلد لم تتمكّن فيه الأنظمة المالية التقليدية من تلبية احتياجات المواطنين. وبفضل هذه التقنية، أصبح لدى السوريين القدرة على حماية مدخراتهم وتحويلاتهم المالية، ما يمهّد الطريق لاعتماد أوسع للتمويل اللامركزي ويعزز الثقة في النظام الجديد.
وتلعب التوعية والتعليم دوراً أساسياً في نجاح هذه المبادرة، حيث توفر موارد مثل أكاديمية بينانس أدوات تعليمية مجانية لتعريف المستخدمين بأساسيات البلوكشين والعملات الرقمية، وتمكينهم من تبني هذه الحلول بثقة.
منذ إطلاق خدمات بينانس في سوريا، سجلت المنصة زيادة ملحوظة في أعداد التسجيلات، وحجم التداول الشهري، فضلاً عن نمو مبيعات Fan Token بشكل غير مسبوق، مما يعكس شغف المجتمع السوري المتزايد بالدخول إلى عالم العملات الرقمية، بعد سنوات من الحرمان المالي والعزلة الاقتصادية.
وبالرغم من أن الطريق لا يزال طويلاً ويتطلب وقتاً وجهداً في التثقيف وبناء الثقة، فإن الأسس وُضعت لمرحلة جديدة يمكن أن تعيد السوريين إلى الاقتصاد الرقمي العالمي، وتفتح أمامهم فرصاً عملية للتغلب على العقبات المالية التي لم تستطع الأنظمة التقليدية حلّها.
