لماذا رفضت دول الخليج مناقشة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك؟

أماني إبراهيم

2025.09.16 - 09:11
Facebook Share
طباعة

في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، وبينما تتعرض الأراضي العربية لضربات عسكرية إسرائيلية متكررة، كان يُنتظر من القمة العربية الأخيرة أن تكون محطة لانطلاق موقف جماعي يضع حدًّا لحالة الانكشاف الأمني. لكن المشهد جاء عكسيًا: غياب خليجي شبه كامل، وتحفظ علني على مناقشة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك. هذه المفارقة الصادمة تفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية: لماذا تخشى دول الخليج تفعيل الاتفاقية؟ وما الذي يدفع حتى قطر، الدولة المستهدفة مباشرة، إلى التزام الصمت أو المواربة بدل الدفع نحو تفعيل آلية دفاعية عربية موحدة؟

لماذا غابت معظم دول الخليج عن القمة العربية؟

القمة الأخيرة شهدت غيابًا ملحوظًا للكويت والإمارات وسلطنة عمان والبحرين، فيما حضرت بقية الدول بمستويات تمثيل متفاوتة. ورغم الضربات الإسرائيلية التي استهدفت قطر، لم تُبدِ الدوحة نفسها حماسة لتفعيل الاتفاقية، خشية الانجرار إلى مواجهة لا تستطيع تحمل تبعاتها.

ما الذي يفسر الموقف القطري المتحفظ؟

التحفظ يرتبط بعلاقات آخذة في التوسع مع إسرائيل في مجالات عسكرية وتقنية حساسة. تقارير معاريف الإسرائيلية كشفت عن عقود بمئات ملايين الدولارات بين الدوحة وشركات مثل إلبيت ورافائيل، إلى جانب تعاون طويل الأمد مع الصناعات الجوية الإسرائيلية وزيارات متبادلة رفيعة المستوى.

هل تقتصر العلاقة على صفقات السلاح؟

لا. ففي أبريل الماضي شاركت قطر إلى جانب إسرائيل في المناورة الجوية الدولية “إينيوخوس” باليونان. أرسلت الدوحة مقاتلات F-15QA، فيما دفعت تل أبيب بطائرات الإنذار المبكر نحشون إيتام G550. تكرار هذا النمط من الانخراط العسكري المتوازي يكشف عن تحولات أعمق في علاقات المنطقة.

كيف تتمدد إسرائيل في أسواق السلاح الخليجية؟

بيانات وزارة الدفاع الإسرائيلية أوضحت أن صادرات السلاح بلغت 14.8 مليار دولار عام 2024، وهو أعلى رقم في تاريخها. نحو 12% من هذه الصادرات ذهب للدول العربية، ما يؤكد حجم التغلغل الإسرائيلي في أسواق الخليج ويكشف التناقض بين الخطاب السياسي والمصالح الفعلية.

كيف تعاملت قطر مع الضربة الإسرائيلية الأخيرة؟

عوضًا عن موقف حازم، اكتفت الدوحة بشكر واشنطن على إداناتها لإسرائيل، مرحبة بـ"تصميمها على الردع". لكن مصادر دبلوماسية أكدت أن الإدارة الأميركية كانت على علم مسبق بالعملية، وأن الطائرات الإسرائيلية حصلت على دعم لوجستي مباشر عبر تزويدها بالوقود، بينما التزمت قاعدة العديد الصمت.

ما القيود التي تمنع الخليج من تفعيل الاتفاقية؟

معظم الدول الخليجية ترتبط باتفاقات أمنية ثنائية وثيقة مع الولايات المتحدة، تشمل قواعد عسكرية على أراضيها، ما يجعل أي تحرك عسكري جماعي عربي خارج النسق الأميركي مستبعدًا. كما أن بعض العواصم ترى في إسرائيل شريكًا أمنيًا وتقنيًا لمواجهة إيران، ما يعقد أي اصطفاف عربي خالص.

ما هي النتيجة الفعلية لهذا المشهد؟

تظل القمم العربية حبيسة بيانات التضامن، بينما الواقع تحكمه التحالفات والمصالح. الخليج، بما فيه قطر، بات أسيرًا لشبكة معقدة من العلاقات مع واشنطن وتل أبيب، تمنعه من اتخاذ قرار مستقل بتفعيل آلية دفاعية عربية.

هل هناك بدائل استراتيجية عربية؟

المراهنة على الخليج لإحياء الاتفاقية أشبه بالرهان على سراب. الرهان الحقيقي يبقى على مصر بجيشها ومؤسساتها المستقلة، فيما يظل خيار بناء تحالفات بديلة مع قوى إقليمية مثل تركيا وإيران وباكستان مطروحًا بقوة في ظل انسداد الأفق العربي.


ما هي اتفاقية الدفاع العربي المشترك؟

وُقّعت الاتفاقية في القاهرة عام 1950 بعد النكبة، بهدف إنشاء منظومة عسكرية عربية موحدة تقوم على مبدأ أن أي اعتداء على دولة عربية يُعتبر اعتداءً على الجميع. نصّت على تشكيل مجلس دفاع عربي مشترك وخطط عسكرية موحدة، لكنها اصطدمت منذ البداية بالخلافات السياسية وتباين الأولويات.

في أزمات كبرى مثل العدوان الثلاثي 1956، وحرب يونيو 1967، وغزو الكويت 1990، برزت الدعوات لإحيائها، لكنها بقيت معطلة. وبعد سبعين عامًا، تحولت إلى بند بروتوكولي يُستحضر في البيانات أكثر مما يُترجم على الأرض، ما يجعل الدعوات لتفعيلها أقرب إلى الشعارات الرمزية منها إلى القرارات العملية.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 9