من الخرطوم إلى الدوحة: قراءة تحليلية للقمم العربية

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.15 - 10:58
Facebook Share
طباعة

على مدى أكثر من ستة عقود، انعقدت القمم العربية والإقليمية لمواجهة التحديات المرتبطة باسرائيل، منذ هزيمة يونيو 1967 وحتى القمم الطارئة في الدوحة 2025م.
بين بيانات رسمية وقرارات سياسية، ظل الواقع على الأرض مختلفاً عن الخطاب، في ظل الانقسامات العربية والضغوط الدولية.

قمة الخرطوم 1967: اللاءات الثلاث بعد الهزيمة

انعقدت قمة الخرطوم بعد هزيمة العرب في حرب يونيو 1967، وسط ضغط شعبي على الأنظمة العربية لتثبيت مكانتها السياسية، خرجت القمة ببيان رفض السلام والاعتراف باسرائيل والتفاوض معها، بهدف توفير غطاء سياسي للأنظمة المتضررة.
رغم الخطاب القوي، بدأت بعض الدول مفاوضات سرية لاحقاً ما أظهر التباين بين البيانات الرسمية والتحركات العملية. الولايات المتحدة مارست ضغوطاً لتخفيف التصعيد، بينما حاول الاتحاد السوفيتي استخدام القمة لمصالحه الإقليمية.

قمة الجزائر 1973: النفط وسلاح الضغط الاقتصادي

بعد حرب أكتوبر 1973، وقعت القمة في الجزائر وسط أجواء التوتر العسكري والسياسي. قررت الدول المنتجة للنفط استخدام الحظر كأداة ضغط اقتصادي ضد الدول الداعمة لإسرائيل.
على الرغم من رمزية القرار، لم يستمر الحظر طويلاً بسبب الضغوط الدولية، مما كشف محدودية الأثر الاقتصادي للقرارات القمية، وأوضح أن القرارات غالباً ما كانت رمزية وموجهة لتأكيد الموقف السياسي آنذاك.

قمة فاس 1982: خطة النقاط الثمانية

إنعطفت عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان وتصاعد النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، بهدف وضع خطة عربية موحدة لحل القضية الفلسطينية.
اشتملت الخطة على انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، الانقسامات بين الدول العربية، خاصة بين الرافضين لأي اعتراف باسرائيل والمطالبين بحل سياسي، أعاقت تنفيذ القرارات على الأرض. الدول العربية الرئيسة حاولت الحفاظ على مصالحها مع الالتزام الرمزي بالخطاب القمي، فيما كانت القوى الدولية تحدد موازين النفوذ في صياغة القرارات.

قمة بيروت 2002: مبادرة السلام العربية

خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، طرحت السعودية مبادرة سلام تضمنت تطبيع شامل مع إسرائيل مقابل انسحابها إلى حدود 1967، وأقرتها القمة العربية في بيروت.
رغم الترحيب الدولي، رفضت إسرائيل المبادرة عملياً، واستخدمتها بعض الدول العربية كغطاء لتحركات ثنائية أو علاقات سرية.
أبرزت القمة الفجوة بين الخطاب الجماعي والمصالح الوطنية الفردية، وأوضحت محدودية التأثير العربي المباشر على المفاوضات.

قمة اسطنبول 2017: أزمة القدس

عقب إعلان الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى القدس، تم عقد قمة طارئة في اسطنبول للرد على القرار.
نص البيان على رفض الاعتراف الأميركي بالقدس كعاصمة لإسرائيل، مع التأكيد على بقاء القدس الشرقية جزءا من مفاوضات الحل النهائي، مع الأخذ من قوة الخطاب، لم تتحول القرارات إلى سياسات عملية، واستمرت بعض الدول بعلاقات طبيعية أو سرية مع إسرائيل.
الولايات المتحدة عملت على تثبيت الوضع القائم، بينما لعبت الدول الإقليمية دور الوساطة ضمن مصالحها الاستراتيجية.


قمة الدوحة 2025: مراجعة العلاقات

اجتمعت القمة الطارئة في الدوحة اليوم لمناقشة ملف العلاقات مع اسرائيل، وصدر بيان ختامي دعا الى مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية واتخاذ خطوات قانونية عند الحاجة. حتى الان، لم تتحول هذه الدعوات الى اجراءات ملموسة في ظل استمرار اتفاقات التطبيع منذ 2020، ويظل الدور الدولي والاقليمي مؤثراً على الفجوة بين البيانات والممارسة، مع استمرار بعض الدول في الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية.

القمم العربية وإسرائيل: الخطاب مقابل الواقع

استخدمت القمم العربية والإقليمية حول إسرائيل كأداة لتثبيت الخطاب السياسي، لكنها لم تتحول غالباً إلى إجراءات فعلية على الأرض لحماية حقوق الفلسطينيين.
الفجوة بين القرارات وما تحقق على الأرض، والانقسامات الداخلية بين الدول، والضغوط الدولية، جعلت القضية الفلسطينية حاضرة إعلامياً وسياسياً، لكنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة في الواقع، ما يبرز الحاجة لمواقف عربية وإقليمية أكثر فعالية لدعم الحقوق الفلسطينية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 8