الاجتماع الطارئ الذي استضافته الدوحة جاء في أجواء مشحونة بعد استهداف العاصمة القطرية بغارة إسرائيلية غير مسبوقة.
لم يكن البيان الختامي مجرد رد فعل غاضب، وإنما إعلان عن مسار جديد يضع العلاقة مع إسرائيل تحت المجهر، ويفتح الباب أمام أدوات ضغط سياسية واقتصادية وقانونية، اللغة الحادة التي خرجت من القمة أوضحت أن الهجوم على قطر تجاوز كونه حادثاً عابراً، ليصبح نقطة تحول في الموقف العربي والإسلامي تجاه إسرائيل.
مراجعة العلاقات والعقوبات:
البيان الختامي دعا الدول المشاركة إلى مراجعة علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، مع التوجه إلى تعليق التعاون العسكري والتقني، ووقف أي عبور أو توريد للذخائر والمواد ذات الاستخدام المزدوج.
كما أوصى بالتحرك عبر المؤسسات القضائية الدولية، ودعم القضايا المرفوعة ضد إسرائيل بهدف إنهاء حالة الإفلات من العقاب.
قطر في قلب المواجهة:
الغارة التي طالت حياً سكنياً في الدوحة وأصابت مقار بعثات دبلوماسية ومدارس تركت أثراً سياسياً عميقاً، القمة رأت أن استهداف دولة تقوم بدور الوسيط في المفاوضات المتعلقة بوقف الحرب في غزة يشكل ضربة مباشرة للجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية. العدوان على العاصمة القطرية حُمل على أنه اعتداء جماعي على الدول العربية والإسلامية مجتمعة، وليس على قطر وحدها.
الأمن الجماعي خيار مطروح:
القادة العرب والمسلمون اتفقوا على أن أمن المنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تعاون جماعي من هنا جاء تبني "الرؤية المشتركة للأمن والتعاون"، التي تدعو إلى آليات تنفيذية تقوم على القانون الدولي، احترام السيادة، وتسوية النزاعات بالطرق السلمية. المفهوم الجديد يضع المصير المشترك كعنصر أساسي لمواجهة التحديات.
فلسطين محور الاهتمام:
رغم التركيز على العدوان على قطر، ظلت القضية الفلسطينية في صدارة البيان، جرى التمسك بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ورفض أي محاولات للتهجير أو فرض وقائع استيطانية جديدة.
كما تم التحذير من خطورة استخدام سياسة الحصار والتجويع كأداة حرب ضد الفلسطينيين، واعتبارها جريمة ضد الإنسانية تستوجب ملاحقة قانونية.
القانون الدولي كمسار أساسي:
البيان أشار إلى ضرورة تفعيل أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين، ودعم التدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية في غزة كما دعا إلى بحث إمكانية تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة بحجة انتهاكها المتواصل لميثاق المنظمة وعدم التزامها بقراراتها.
إعادة إعمار غزة أولوية عاجلة:
القمة أولت اهتماماً خاصاً بملف إعادة الإعمار تقرر إطلاق خطة عربية إسلامية تبدأ فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مع دعوة المانحين الدوليين للمشاركة في مؤتمر القاهرة المرتقب، الهدف المعلن ليس فقط إعادة بناء القطاع، وإنما دعم الاستقرار السياسي والاجتماعي كجزء من مسار أوسع لتسوية النزاع.
رسائل القمة إلى العالم:
1_استهداف قطر يُنظر إليه كعدوان على جميع الدول المشاركة.
2_العلاقات مع إسرائيل أصبحت قابلة للتغيير بناءً على سلوكها.
3_القانون الدولي والدبلوماسية تحولا إلى أدوات مركزية للضغط.
4_لا استقرار إقليمي من دون تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.
5_فكرة الأمن الجماعي عادت لتفرض نفسها كإطار عملي لمواجهة التهديدات المشتركة.
يرى مراقبون أن القمة الطارئة في الدوحة شكلت نقطة انعطاف في الموقف العربي والإسلامي من إسرائيل. فبدلاً من الاكتفاء بإدانة العدوان، جرى طرح إجراءات ملموسة قد تؤثر مباشرة على علاقات الدول مع تل أبيب.
التنفيذ سيظل مرهوناً بمدى التزام الدول الأعضاء، لكن مجرد طرح المراجعة العلنية للعلاقات وإدخال أدوات القانون الدولي إلى قلب المواجهة يفتح مرحلة جديدة في طريقة التعامل مع إسرائيل، مرحلة عنوانها الضغط السياسي والاقتصادي والدبلوماسي، إلى جانب التمسك الثابت بالحقوق الفلسطينية.