خلفيات الاجتماع الخليجي الطارئ في الدوحة

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.15 - 08:26
Facebook Share
طباعة

لم يكن الإعلان عن اجتماع عاجل لمجلس الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة مجرد رد فعل مباشر على الاعتداء الإسرائيلي، بل جاء تتويجاً لمسار طويل من التحديات الأمنية التي وضعت الخليج أمام معادلة دقيقة بين العمل الفردي والجماعي.
على مدار عقود، ظلّ بند الدفاع المشترك حاضراً في بيانات القمم، لكنه لم يُختبر عملياً إلا في أزمات محدودة، وغالباً ما اكتفى بالتصريحات الرمزية.

الهجوم على الدوحة حمل بعداً مختلفاً، إذ اعتُبر أول اعتداء مباشر يستهدف عاصمة خليجية من طرف إسرائيل، ما حوله إلى قضية أمن جماعي، وأعاد إلى الواجهة جدية تفعيل الاتفاقيات الدفاعية التي وُقعت منذ تأسيس المجلس.

أسباب ودوافع الحدث:

من الناحية السياسية، يمثل استهداف قطر محاولة لإضعاف دورها المتنامي في ملفات حساسة، أبرزها الوساطة في الحرب على غزة وإدارة قنوات التفاوض غير المباشر مع إسرائيل، فإسرائيل تنظر بقلق إلى التحركات القطرية التي تعزز نفوذها الدبلوماسي والإقليمي، وقد ترى في التصعيد العسكري وسيلة للضغط على الدوحة لتقليص هذا الدور.

كما أن إسرائيل تختبر عبر هذا الاعتداء حدود الرد الخليجي، ومدى استعداد المجلس للانتقال من التضامن السياسي إلى خطوات عسكرية عملية.
وهو ما يفسر الإصرار الخليجي في البيان الأخير على أن "أمن دول المجلس كل لا يتجزأ".

أبعاد الاجتماع ودلالاته:

انعقاد مجلس الدفاع في الدوحة بحد ذاته يحمل رسالة قوية بأن دول المجلس اختارت الاصطفاف خلف الدولة المستهدفة، لا الاكتفاء ببيانات الدعم.
كما أن الدعوة لاجتماع اللجنة العسكرية العليا تمثل محاولة لترجمة التضامن إلى خطط ميدانية، ولو في إطار دفاعي ورمزي.

إلى جانب البعد العسكري، يمثل الاجتماع بُعداً دبلوماسياً أيضاً: فهو بمثابة إشارة إلى القوى الدولية بأن الخليج يرفض تمرير الاعتداء دون رد، استمرار السياسات الإسرائيلية سيؤدي إلى تقويض مسارات السلام والتفاهمات الإقليمية، بما فيها تلك التي انخرطت فيها بعض العواصم الخليجية سابقاً.

التداعيات المحتملة:

على المستوى الخليجي: قد يكون هذا الاجتماع بداية لتفعيل حقيقي لآليات الدفاع المشترك، أو على الأقل رفع مستوى التنسيق العسكري والأمني بين الدول الأعضاء.

على المستوى الإقليمي: سيزيد الاعتداء الإسرائيلي من تعقيد المشهد، خصوصاً مع انخراط قطر في وساطات لوقف إطلاق النار في غزة، ما يضعف فرص التوصل إلى تفاهمات سريعة.

على المستوى الدولي: يشكل الهجوم إحراجاً لمجلس الأمن والمجتمع الدولي، إذ يختبر قدرتهم على التعامل مع انتهاك مباشر لسيادة دولة خليجية، ما يدفع بعض القوى الكبرى لإعادة تقييم مواقفها من إسرائيل.


الاجتماع الخليجي الطارئ ليس مجرد محطة عابرة، وانما يمثل نقطة انعطاف في مسار الأمن الجماعي الخليجي.
فالمعادلة اليوم لم تعد تقتصر على التضامن السياسي، بل انتقلت إلى اختبار حقيقي لمدى استعداد المجلس لاستخدام أدواته الدفاعية في مواجهة تهديد مباشر. ومن هنا، فإن ما يجري في الدوحة يعكس صراعاً أوسع على شكل التوازنات الإقليمية، ويضع دول الخليج أمام مسؤولية تاريخية في حماية أمنها المشترك. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 2