البيئة والصحة العامة في عرسال: تداعيات تفكيك المخيمات السورية

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.14 - 08:46
Facebook Share
طباعة

تشكل بلدة عرسال نموذجاً بارزاً للتفاعل بين النزوح السوري والاقتصاد المحلي والبنية التحتية، حيث لعبت اليد العاملة السورية دوراً أساسياً في قطاعات متعددة، مثل الزراعة والبناء والخدمات والمهن الصغيرة، وأسهمت في نشوء شبكة اقتصادية محلية متكاملة. مع العودة التدريجية لأعداد كبيرة من السكان إلى مناطقهم الأصلية في سوريا، برزت تحديات ملموسة على الصعيد الاقتصادي، تمثلت في نقص العمالة الماهرة وارتفاع أجور اليد العاملة المتبقية، مما أثر على قدرة المحلات التجارية والمعامل الصغيرة على الاستمرار بنفس الوتيرة. المحلات المتخصصة مثل الخياطة والحلويات والمثلجات، والتي كانت تشكل جزءاً من النشاط اليومي للبلدة، شهدت تباطؤاً ملحوظاً نتيجة هذه التحولات.

على الصعيد الاجتماعي، يظهر أن الفئات الباقية في البلدة تضم الفقراء والعمال المرتبطين بعقود عمل مستمرة في لبنان، إضافة إلى من دُمرت منازلهم في سوريا أو كونوا عائلات جديدة. هذا التوزع يتطلب من السلطات المحلية مواجهة ضغوط كبيرة في توفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم والكهرباء والمياه والصرف الصحي، مع ضمان تلبية الاحتياجات الإنسانية للنازحين المتبقين ضمن ظروف معيشية صعبة.

أما الأبعاد البيئية والصحية، فقد أصبحت أكثر وضوحاً مع تفكيك المخيمات، حيث كشفت عن أثار خطيرة مرتبطة بالصرف الصحي وتلوث المياه الجوفية.
الحفر القديمة، التي لم تتم معالجتها، تزيد من احتمالية انتشار الأمراض والأوبئة، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء، ما يعكس الحاجة الملحة لتدخل الجهات المعنية ومعالجة المخاطر البيئية بشكل سريع وفعّال.

في السياق الإداري، يبرز دور المعابر الحدودية الرسمية في تنظيم حركة العمالة بين لبنان وسوريا، بما يحد من التهريب ويضمن متابعة دقيقة لحركة الأشخاص والبضائع، ويعزز من استقرار المجتمع المحلي. المطالب المحلية تتجه نحو اعتماد معابر رسمية إضافية، مثل معبر الزمراني، لتسهيل التنقل القانوني بين البلدين وتحقيق مصالح مزدوجة للسكان والعمال، بما يسهم في استقرار السوق المحلي وتوفير فرص عمل.

بالمحصلة، تكشف خلفيات نزوح السوريين من عرسال عن تداخل معقد بين الاقتصاد المحلي، البنية الاجتماعية، والبيئة، ما يتطلب استراتيجيات شاملة توازن بين إعادة النشاط الاقتصادي، حماية الموارد البيئية، تأمين الاستقرار الاجتماعي، وتوفير آليات مستدامة لإدارة حركة العمالة، بما يضمن حماية حقوق السكان والنازحين على حد سواء. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 7