شهد لبنان خلال صيف عام 2025 انتعاشة سياحية ملموسة، عكست تحسناً كبيراً في الإيرادات والأرباح الناتجة عن قدوم السياح الأجانب والمغتربين اللبنانيين من مختلف دول العالم. ويُقدّر أن تتجاوز إيرادات هذا الموسم السياحي حاجز الملياري دولار على الأقل، وهو رقم يعكس ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بالسنوات السابقة، التي عانت فيها البلاد من تدهور اقتصادي حاد وأزمة متعددة الأبعاد.
عوامل الانتعاشة السياحية
ساهمت عدة عوامل في تحقيق هذه الانتعاشة، أبرزها تحسن جودة الخدمات المقدمة في الفنادق والمطاعم والمرافق السياحية، إضافة إلى المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية التي نُظمت خلال الموسم الصيفي. هذه المهرجانات لم تقتصر على الترفيه فحسب، بل شكّلت منصة لجذب السياح، وتعزيز التفاعل مع الثقافة اللبنانية والتراث المحلي.
كما شهد القطاع السياحي توسعاً واضحاً، مع افتتاح مؤسسات سياحية جديدة من فنادق ومطاعم ومراكز ترفيهية، ما أسهم في توفير فرص عمل إضافية للسكان المحليين، ودعم النشاط الاقتصادي في المناطق المختلفة، خصوصاً في بيروت والمناطق الساحلية والجبال اللبنانية التي شهدت توافد أعداد كبيرة من الزوار.
عودة المستثمرين إلى لبنان
أحد أبرز مؤشرات التحسن السياحي هو بوادر عودة المستثمرين اللبنانيين والأجانب إلى السوق المحلي، بعد سنوات من الركود والابتعاد بسبب الأزمة الاقتصادية وعدم الاستقرار المالي والسياسي. هذه العودة الاستثمارية تعكس الثقة المتزايدة في قدرة لبنان على إعادة إحياء قطاع السياحة، وتقديم بيئة مناسبة للنشاط التجاري والخدمات السياحية.
وتشير البيانات إلى أن هناك اهتماماً متزايداً بإطلاق مشاريع سياحية مستدامة، ترتكز على الجمع بين الجوانب الترفيهية والثقافية، مع التركيز على جذب فئات متنوعة من السياح من مختلف الأعمار والجنسيات. هذا التوجه يعزز قدرة لبنان على المنافسة الإقليمية في قطاع السياحة، ويضعه مجدداً على خارطة الوجهات السياحية المفضلة في الشرق الأوسط.
انعكاسات اقتصادية
تنعكس هذه الانتعاشة على الاقتصاد اللبناني بعدة طرق، أبرزها زيادة الإيرادات بالدولار، ما يخفف جزئياً الضغوط على سعر الصرف ويزيد القدرة الشرائية للمواطنين. كذلك، يوفر النشاط السياحي فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، سواء في الفنادق والمطاعم أو في الخدمات اللوجستية والمواصلات، ويعزز الطلب على المنتجات المحلية والحرف اليدوية، ما يسهم في دعم صغار المنتجين والمزارعين.
التحديات المستقبلية
رغم التحسن الملحوظ، يواجه لبنان تحديات مستمرة للحفاظ على هذه الانتعاشة. يتطلب الأمر استمرار تحسين البنية التحتية السياحية، وتعزيز الأمن والاستقرار في المناطق السياحية، إلى جانب معالجة القضايا المالية والإدارية لضمان استدامة القطاع. كما يجب العمل على تسويق لبنان بشكل فعال في الأسواق العالمية لجذب مزيد من السياح والمستثمرين، مع التركيز على السياحة الثقافية والطبيعية.