أصدرت مجموعة السبع، بمشاركة أستراليا ونيوزيلندا، بياناً مشتركاً وجّه انتقادات شديدة اللهجة لإيران، متهمة إياها بتنفيذ «أنشطة خبيثة» خارج حدودها تشمل محاولات قتل وخطف معارضين سياسيين، إضافة إلى هجمات سيبرانية وإعلامية تستهدف المجتمعات الغربية والجاليات اليهودية. البيان وضع إيران في دائرة الاتهام مجدداً كأحد أبرز مصادر «القمع العابر للحدود»، وسط تحذيرات من اتساع نطاق عملياتها إلى قلب أوروبا وبريطانيا.
أكدت دول مجموعة السبع أن سلوك إيران يمثل «انتهاكاً صارخاً لسيادة الدول»، مشيرة إلى أن أجهزة استخباراتها كثّفت محاولاتها في الأشهر الأخيرة لاستهداف المعارضين والصحافيين في الخارج. وجاء في البيان أن هذه الأنشطة لم تقتصر على محاولات الاغتيال والخطف، بل شملت أيضاً نشر معلومات شخصية عن صحافيين، وتنفيذ حملات تضليل تهدف إلى خلق انقسامات داخلية وزرع مناخ من الترهيب.
وأوضحت الدول المشاركة أن التحالف الدولي «لن يقف مكتوف الأيدي»، مؤكدة استمرار التعاون الأمني والاستخباراتي لمواجهة هذا النوع من التهديدات.
الحرس الثوري والخلايا النائمة
التقارير الغربية، لا سيما ما نشرته صحيفة «إكسبريس» البريطانية، كشفت أن «الحرس الثوري» الإيراني يعمل على تجنيد عناصر عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتشكيل خلايا نائمة داخل بريطانيا وأوروبا. وتُتهم «قوة القدس»، الذراع الخارجية للحرس الثوري، بالوقوف وراء عمليات التجنيد، حيث تستهدف رجالاً من أصول شرق أوسطية وأوروبية شرقية يعيشون في بريطانيا، عبر شعارات دينية أو قومية أو حتى قضايا حقوقية.
هذا النشاط لا يقتصر على إنشاء خلايا سرية تقليدية، بل يعتمد على «شبكات غير مباشرة» من المؤيدين والمتعاطفين الذين يمكنهم التحرك بمبادرة شخصية أو بتنسيق ضعيف، ما يجعل رصدهم وتعقبهم مهمة معقدة بالنسبة لأجهزة الأمن.
تحذيرات أمنية أوروبية
قال أندرياس كريغ، أستاذ الأمن في كلية كينغز بلندن، إن الخطر الإيراني في أوروبا «ليس في الصواريخ أو القدرات العسكرية، بل في شوارع بريطانيا نفسها»، حيث يجري بناء شبكة غير نمطية من المؤيدين.
من جانبها، أكدت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية أن إيران تمثل التهديد الأبرز على الأمن الداخلي، متقدمة حتى على روسيا والصين في تصدير «العنف المباشر» إلى أراضي المملكة المتحدة وأوروبا.
التحركات الإيرانية الأخيرة تأتي في سياق أوسع من المواجهة بين طهران والغرب، إذ لطالما اتُهمت إيران باستخدام أدوات غير تقليدية لفرض نفوذها، مثل الحروب السيبرانية، العمليات السرية، وتمويل الميليشيات في الشرق الأوسط. ويصف الخبراء هذه الاستراتيجية بأنها جزء من «حرب غير نظامية» تهدف إلى إبقاء إيران في حالة صراع مستمر مع خصومها، من دون أن تدخل في مواجهة عسكرية شاملة قد تُهدد بقاء نظامها.
بيان مجموعة السبع وأقوى حلفاء الغرب يعكس تحوّلاً نحو مقاربة أكثر صرامة في التعامل مع «النفوذ الخفي» الإيراني. فبينما تواصل طهران توظيف أدوات غير تقليدية لإرباك خصومها، تتعزز لدى العواصم الغربية القناعة بأن المعركة مع إيران لم تعد مقصورة على الشرق الأوسط، بل باتت تدور أيضاً داخل شوارع أوروبا، حيث يتقاطع البُعد الأمني مع البُعد السياسي والدبلوماسي في صراع مفتوح لا تبدو نهايته قريبة.