دخل ملف السلاح الفلسطيني في لبنان مرحلة جديدة، مع إعلان رسمي عن خلوّ مخيمات البقاع من السلاح الثقيل، وتسليم دفعات كبيرة من الأسلحة والذخائر للجيش اللبناني، في خطوة وُصفت بأنها تاريخية من حيث الحجم والدلالة السياسية، خصوصاً أنها جاءت في لحظة يشهد فيها لبنان تصعيداً إسرائيلياً متواصلاً على منطقة البقاع.
قال صبحي أبو عرب، قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، في تصريحات نقلها تلفزيون "الجديد"، إن المخيمات الفلسطينية في منطقة البقاع خالية من السلاح الثقيل، مؤكداً أن القرار يعكس التزام القيادة الفلسطينية بالاتفاقات الموقعة مع الدولة اللبنانية.
وفي السياق نفسه، أوضح المقدم عبد الهادي الأسدي، مدير العلاقات العامة والإعلام في قوات الأمن الوطني الفلسطيني بلبنان، أن عملية تسليم دفعات جديدة من السلاح التابع لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية قد اكتملت، موضحاً أنه جرى تسليم خمس شاحنات من مخيم عين الحلوة وثلاث شاحنات من مخيم البداوي للجيش اللبناني.
وأكد الأسدي أن "هذه الخطوة تأتي تنفيذاً للبيان المشترك الصادر عن سيادة الرئيس محمود عباس وفخامة الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون، وما نتج عنه من عمل اللجنة اللبنانية – الفلسطينية المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات وتحسين الظروف المعيشية فيها".
الجيش اللبناني: تسلم أسلحة متنوعة
من جانبه، نقلت وسائل إعلام لبنانية عن مصادر عسكرية أن الجيش تسلم من مخيم البداوي شحنات تضمنت ألغاماً، مضادات طيران، أسلحة متوسطة، وذخائر متنوعة. وأشارت المصادر إلى أن العملية تمّت وفق ترتيبات مسبقة مع قيادة الفصائل الفلسطينية، بما يضمن انتقال السلاح إلى عهدة الجيش بطريقة منظمة.
هذه الخطوات تأتي في وقت حساس، إذ شهدت منطقة البقاع الشرقي قبل أشهر غارات إسرائيلية استهدفت مواقع في مدينة بعلبك، ما أعاد تسليط الضوء على حساسية الوجود الفلسطيني في لبنان، والخشية من استخدام المخيمات ذريعة للتدخلات الإسرائيلية أو الإقليمية.
ويرى مراقبون أن الإعلان عن خلوّ المخيمات من السلاح الثقيل يحمل رسائل متعددة: من جهة، طمأنة الداخل اللبناني وتعزيز سلطة الدولة، ومن جهة أخرى، نزع الذرائع التي قد تستغلها إسرائيل لتبرير هجماتها أو محاولاتها لإثارة التوترات الأمنية.
مرحلة جديدة للعلاقة اللبنانية – الفلسطينية
تسليم السلاح بهذا الحجم يعكس بداية مسار مختلف في العلاقة بين لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية. فبعد عقود ظلّت فيها المخيمات خارج السيطرة الكاملة للدولة اللبنانية، يفتح هذا التطور الباب أمام مرحلة أكثر استقراراً، تقوم على تعاون أمني مباشر بين الجيش اللبناني والقيادة الفلسطينية، مع وعود بتحسين أوضاع اللاجئين المعيشية والاجتماعية.