لبنان يقترب من إغلاق ملف السلاح الفلسطيني: اختبار عين الحلوة يتصدر المشهد

2025.09.13 - 04:00
Facebook Share
طباعة

في خطوة وُصفت بأنها مفصلية في مسار العلاقة اللبنانية–الفلسطينية، استكمل لبنان المرحلة الرابعة من عملية تسليم السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، في مشهد يعكس جدية الدولة اللبنانية في فرض حصرية السلاح على أراضيها، والتزاماً فلسطينياً متنامياً بالمسار الذي رسمته القمة اللبنانية–الفلسطينية في أيار/مايو الماضي. العملية، التي جرت بتنسيق مباشر بين لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني والجيش اللبناني، لا تقتصر على كونها إجراءً أمنياً، بل تمثل تحولاً استراتيجياً باتجاه إنهاء أحد أكثر الملفات حساسية وتعقيداً في لبنان منذ عقود، والمتمثل بانتشار السلاح الفلسطيني خارج سلطة الدولة.

 


أعلنت لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني أن المرحلة الرابعة من العملية شهدت تسليم 8 شاحنات محملة بالأسلحة، بينها 3 شاحنات من مخيم البداوي شمالاً، و5 شاحنات من مخيم عين الحلوة في صيدا جنوباً، حيث وُضعت جميعها في عهدة الجيش اللبناني.

الجيش اللبناني أكد في بيان رسمي أن الأسلحة تضمنت أنواعاً مختلفة من البنادق والقذائف والذخائر الحربية، جرى نقلها إلى الوحدات المختصة لفحصها والتصرف بها وفق الأطر القانونية والعسكرية.

اللجنة شددت على أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة متدرجة لإنهاء ملف السلاح الفلسطيني بشكل كامل، استناداً إلى خريطة الطريق التي أُقرت في القمة اللبنانية–الفلسطينية في 21 مايو 2025، وما تبعها من اجتماعات برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام. كما أشارت إلى أن العملية تنسجم مع قرارات مجلس الوزراء في 5 أغسطس و5 سبتمبر، والتي أكدت مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة، ورحبت بخطة الجيش لتنفيذ ذلك.

بالتوازي مع عملية التسليم، واصلت لجنة الحوار لقاءاتها مع الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، في إطار متابعة أوضاع المخيمات والتأكيد على ضرورة التزام الجميع بإنجاح هذا المسار. وأبلغت اللجنة ممثلي الفصائل بوجوب البدء بخطوات عملية تمهيداً لإنهاء الملف نهائياً، بما يعزز سلطة الدولة اللبنانية ويضمن استقرار المخيمات وحقوق الفلسطينيين الإنسانية والاجتماعية.

 

ملف السلاح الفلسطيني في لبنان يعد من أعقد القضايا المتوارثة منذ عقود، حيث تنتشر المخيمات الفلسطينية الـ12 على امتداد الأراضي اللبنانية، أبرزها عين الحلوة الذي يعد الأكبر والأكثر حساسية، إضافة إلى مخيمات برج البراجنة وصبرا وشاتيلا في بيروت، والرشيدية والبص والبرج الشمالي في صور، ونهر البارد والبداوي شمالاً.

بدأت عملية تسليم السلاح في أغسطس 2025 من مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، كخطوة أولى لتطبيق مقررات القمة اللبنانية–الفلسطينية بين الرئيس اللبناني جوزيف عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس. لاحقاً، جرى جمع السلاح من مخيمات جنوب نهر الليطاني (الرشيدية والبص والبرج الشمالي)، قبل الوصول إلى المرحلة الرابعة الحالية التي شملت مخيم عين الحلوة والبداوي.

يبقى عين الحلوة التحدي الأكبر، إذ يضم خليطاً من الفصائل الفلسطينية المختلفة، إلى جانب مجموعات متطرفة كانت طرفاً في جولات متكررة من الاشتباكات، ما جعله عقدة أساسية أمام استكمال حصر السلاح. ومن هنا، ينظر إلى نجاح الجيش اللبناني في استلام دفعات من الأسلحة من هذا المخيم على أنه تطور لافت يمهد لخطوات أوسع.

 

يمثل استكمال المرحلة الرابعة من تسليم السلاح الفلسطيني تطوراً نوعياً يضع لبنان على عتبة مرحلة جديدة في مسار بسط سيادة الدولة، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب على تحديات أمنية وسياسية، خصوصاً في ما يتعلق بمخيم عين الحلوة. نجاح التجربة يتوقف على قدرة الدولة اللبنانية على فرض حصرية السلاح بشكل كامل، وعلى التزام الفصائل الفلسطينية بالاتفاقات، بما يتيح تحويل هذا المسار إلى مدخل لتعزيز الاستقرار الوطني وحماية الفلسطينيين المقيمين في لبنان.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 6