من غزة إلى الدوحة.. مصر تحشد لوقف "الجنون الإسرائيلي"

2025.09.13 - 01:47
Facebook Share
طباعة

في لحظة وُصفت بأنها من أخطر المنعطفات التي تمر بها المنطقة منذ سنوات، كثّفت القاهرة اتصالاتها السياسية والدبلوماسية مع عواصم عربية وإسلامية كبرى، سعياً لبناء جبهة مشتركة في مواجهة التصعيد الإسرائيلي الذي وصل إلى استهداف مباشر لدولة قطر الأسبوع الماضي. التحركات المصرية تأتي قبيل انعقاد القمة العربية ـ الإسلامية الطارئة في الدوحة، وسط آمال بأن تشكل مخرجاتها نقطة تحول في مسار الرد العربي على الاعتداءات المتكررة لإسرائيل.

اتصالات مصرية مكثفة

وزارة الخارجية المصرية كشفت أن الوزير بدر عبد العاطي أجرى سلسلة من الاتصالات الهاتفية مع نظرائه السعودي فيصل بن فرحان، والتركي هاكان فيدان، والباكستاني محمد إسحاق دار.
الهدف المعلن لهذه الاتصالات كان تبادل وجهات النظر حول سبل الرد على التطورات الإقليمية الأخيرة، وتنسيق المواقف قبل القمة الطارئة. وقد أكدت الخارجية المصرية أن هذه المشاورات شملت تقييم الأوضاع الأمنية والسياسية المتسارعة، بالإضافة إلى بحث آليات لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والدبلوماسي بين دول المنطقة.

موقف القاهرة

القاهرة شددت بوضوح على أن "المساس بأمن الدوحة يعد مساساً مباشراً بالأمن القومي العربي"، في رسالة سياسية تعكس رغبة مصر في إعادة الاعتبار لمفهوم التضامن العربي، وربطه هذه المرة بمواجهة تهديد استراتيجي لم يكن مقتصراً على الساحة الفلسطينية، بل وصل إلى عاصمة خليجية محورية.
الموقف المصري يعكس إدراكاً بأن التصعيد الإسرائيلي ضد قطر قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من استهدافات إسرائيلية لدول عربية أخرى، بما يجعل الرد الجماعي ضرورة وليس خياراً.

أبعاد التنسيق الإقليمي

ما يميز التحركات الأخيرة هو أن مصر لم تكتف بالتواصل مع شركائها العرب التقليديين، بل وسعت دائرة التشاور لتشمل تركيا وباكستان، ما يشير إلى محاولة لبناء مظلة إسلامية واسعة تتجاوز الإطار العربي الضيق.
هذا التوجه قد يعكس قناعة بأن أي رد فعال على إسرائيل يتطلب توسيع التحالفات الإقليمية، والاستفادة من ثقل الدول الإسلامية غير العربية، بما في ذلك تركيا التي تجمعها علاقات متشابكة مع إسرائيل، وباكستان التي تمثل قوة نووية إسلامية ذات وزن استراتيجي.

القمة الطارئة في الدوحة

التحركات الدبلوماسية المصرية تأتي قبل ساعات من انعقاد القمة العربية ـ الإسلامية الطارئة في العاصمة القطرية، التي دعت إليها الدوحة عقب الهجوم الإسرائيلي الأخير. ومن المتوقع أن يكون ملف الرد الجماعي على العدوان الإسرائيلي هو العنوان الأبرز، مع نقاشات موسعة حول طبيعة القرارات التي يمكن اتخاذها، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو حتى خطوات دبلوماسية على الساحة الدولية.
السؤال المطروح: هل ستتمكن الدول المشاركة من صياغة موقف موحد يتجاوز حدود البيانات التقليدية؟ أم ستظل الخلافات والتباينات قائمة، لتبقى إسرائيل المستفيد الأكبر من حالة الانقسام؟

 

ليست هذه المرة الأولى التي تنشط فيها القاهرة لتنسيق رد عربي على التصعيد الإسرائيلي. فمنذ حرب غزة 2008، مروراً بعدوان 2014، وصولاً إلى الحرب الحالية المستمرة منذ 2023، لعبت مصر دوراً محورياً في إدارة التوازنات. لكن الفارق هذه المرة أن الهجوم لم يستهدف الفلسطينيين وحدهم، بل طال دولة عربية خليجية، وهو ما يضع الملف في إطار جديد تماماً من التعاطي الإقليمي.

 

التحركات المصرية تكشف عن إدراك عميق بخطورة المرحلة الراهنة، ومحاولة استباقية لبناء جبهة عربية ـ إسلامية قبل انعقاد قمة الدوحة. لكن فعالية هذه التحركات ستتوقف على قدرة العواصم المشاركة على تجاوز الخلافات القديمة، وصياغة قرارات حقيقية تُترجم التضامن السياسي إلى أدوات ضغط ملموسة على إسرائيل. فهل تنجح قمة الدوحة في كسر دائرة العجز العربي ـ الإسلامي، أم تبقى إسرائيل قادرة على استهداف من تشاء دون ثمن يُذكر؟

 

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 9