تسليم السلاح الفلسطيني إلى الجيش اللبناني: خطوة نحو استقرار هش أم بداية مرحلة جديدة؟

2025.09.13 - 01:44
Facebook Share
طباعة

في تطور لافت على الساحة اللبنانية – الفلسطينية، استكمل الجيش اللبناني عملية استلام شحنات من السلاح كانت بحوزة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية داخل مخيمات عين الحلوة والبداوي. الخطوة التي وُصفت بأنها ثمرة "تفاهم لبناني – فلسطيني"، تفتح الباب أمام أسئلة كبرى حول مستقبل المخيمات، طبيعة العلاقة الأمنية بين الطرفين، ومدى انعكاس هذا القرار على التوازنات الداخلية والإقليمية في لبنان.

 

بحسب ما أُعلن رسميًا، تسلم الجيش اللبناني 5 شاحنات محملة بالسلاح من مخيم عين الحلوة – وهو الأكبر والأكثر حساسية بين المخيمات الفلسطينية – و3 شاحنات من مخيم البداوي في شمال لبنان.
العملية جرت بإشراف مباشر من المؤسسة العسكرية اللبنانية، وبتنسيق كامل مع قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان. المقدم عبد الهادي الأسدي، مدير العلاقات العامة والإعلام في القوات، أكد أن هذه الخطوة "تنفيذ مباشر للبيان المشترك الصادر عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس اللبناني العماد جوزيف عون".

 

التسليم لا ينفصل عن السياق السياسي الأوسع، إذ يمثل محاولة لاحتواء التوترات الأمنية التي طالما شهدتها المخيمات الفلسطينية، خصوصًا عين الحلوة الذي تحول في فترات سابقة إلى ساحة مواجهات مسلحة بين مجموعات مختلفة.
القرار يعكس – وفق مراقبين – حرص القيادة الفلسطينية على تحسين العلاقة مع الدولة اللبنانية، والتأكيد على أن الوجود الفلسطيني في لبنان ليس عامل تهديد بل عنصر استقرار. في المقابل، يسعى الجيش اللبناني إلى تعزيز سيطرته الأمنية على المخيمات التي كانت تعتبر "خارج سلطة الدولة" منذ اتفاق القاهرة عام 1969، الذي منح الفلسطينيين إدارة ذاتية داخلها.

 

رغم أهمية الخطوة، إلا أن تسليم السلاح لا يعني انتهاء ملف المخيمات. فالمعضلة الأساسية تبقى مرتبطة بملف حق العمل والإقامة الكريمة للفلسطينيين في لبنان، فضلاً عن حقوقهم المدنية والاجتماعية التي ما تزال محدودة منذ عقود.
كما أن بعض الفصائل خارج إطار منظمة التحرير – خصوصًا الإسلامية منها – لم تشارك في عملية التسليم، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان الجيش سيكتفي بهذه المرحلة أم أن هناك جولات لاحقة أشد تعقيدًا.

 

يأتي هذا التطور بينما يشهد الإقليم تصعيدًا غير مسبوق نتيجة الحرب في غزة والهجمات الإسرائيلية المتنقلة، ما يزيد من حساسية الملف الفلسطيني في لبنان. فالمخيمات، تاريخيًا، لطالما ارتبطت بالتحولات الإقليمية، وكانت ورقة ضغط أو مساحة استقطاب تستخدمها أطراف مختلفة.
لكن في الوقت الحالي، يبدو أن كلا الطرفين – الدولة اللبنانية والقيادة الفلسطينية – يسعيان إلى تحييد المخيمات عن صراع النفوذ الإقليمي، عبر خطوات تدريجية تهدف إلى ضبط الأمن وتعزيز الثقة المتبادلة.

 

عملية تسليم السلاح تمثل حدثًا مفصليًا في تاريخ العلاقة اللبنانية – الفلسطينية، إذ تعكس للمرة الأولى منذ سنوات طويلة توافقًا نادرًا على أولوية الأمن والاستقرار. غير أن نجاحها يظل رهينًا بقدرة الطرفين على استكمال المسار بخطوات سياسية واقتصادية موازية، تعالج جذور الأزمة داخل المخيمات، وتجعل من الفلسطينيين جزءًا من معادلة الاستقرار بدلًا من بقائهم قنابل موقوتة في الداخل اللبناني.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 5