تُظهر التغطيات الإسرائيلية الأخيرة حالة ارتباك عميقة أعقبت العملية التي استهدفت وفد حماس التفاوضي في العاصمة القطرية الدوحة فبدل أن تحقق العملية مكسباً نوعياً، بدت إسرائيل وكأنها وقعت في ورطة سياسية وأمنية أثارت جدلاً داخلياً واسعاً.
محللون في القنوات الإسرائيلية وصفوا التوقيت بالخطأ الاستراتيجي الذي قد يكلف تل أبيب أثماناً باهظة، ليس فقط على مستوى مسار المفاوضات حول الأسرى، وانما أيضاً في علاقتها مع الوسطاء الإقليميين والدوليين الاعتراف الضمني بفشل اغتيال القادة المستهدفين عزز هذه الصورة، خصوصاً مع تساؤلات الصحفي أوهاد حمو عن سر الصمت الرسمي الإسرائيلي غير المسبوق.
القناة 14 نقلت عن مسؤول أمني أن الضربة لم تحقق كامل أهدافها، وأن النتائج كانت "جزئية"، بينما فتحت قناة i24 الباب أمام فرضية بقاء بعض قادة حماس أحياء.
الأهم أن مسؤولين مثل رئيس الموساد ورئيس مجلس الأمن القومي كانوا قد حذروا قبل العملية من تداعياتها على صفقة التبادل، وهو ما يضع القيادة السياسية والعسكرية في مواجهة مع أصوات مؤثرة داخل مؤسسات القرار.
هذا الفشل، يعكس محدودية قدرة إسرائيل على تحقيق إنجاز عسكري يوازي الكلفة السياسية، وفق تقدير تامير هايمن رئيس معهد أبحاث الأمن القومي. فبدون تصفية القادة، تتحمل إسرائيل عبء التبعات السياسية من دون رصيد عملي، لتجد نفسها أمام مأزق جديد يزيد من صعوبة المضي في أي تسوية أو تهدئة.
ورغم محاولة إسرائيل تصدير صورة القوة عبر استهداف قيادات حماس في قلب العاصمة القطرية، إلا أن نتائج العملية عكست العكس تمامًا، فخرجت الدوحة أكثر ثباتًا في موقعها كوسيط أساسي لا يمكن تجاوزه، بعدما أثبتت قدرتها على إدارة ملفات التفاوض المعقدة وحماية دورها الدبلوماسي رغم الضغوط. وبينما تكبدت تل أبيب خسائر سياسية وأمنية من دون مكاسب عسكرية ملموسة، عززت قطر حضورها كفاعل رئيسي في معادلة غزة، لترسخ معادلة جديدة مفادها أن الحلول تمر عبر الدوحة لا عبر القوة الإسرائيلية.