حوار دمشق حول الإخفاء القسري: مسار جديد للعدالة أم استعادة للذاكرة الجماعية؟

2025.09.12 - 11:52
Facebook Share
طباعة

أطلقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمفقودين، في العاصمة دمشق، حوارًا مشتركًا لبحث ملف الإخفاء القسري، الذي يواصل إلقاء ظلاله على المجتمع السوري منذ اندلاع النزاع عام 2011. اللقاء جاء في وقت تتزايد فيه الضغوط الداخلية والدولية للبحث عن حلول إنسانية وقانونية لملف يعتبر من أكثر الملفات تعقيدًا وحساسية في تاريخ سوريا الحديث.


الملف الإنساني وأبعاد المأساة
استعرضت الشبكة السورية خلال الاجتماع حجم المأساة، مؤكدةً توثيق أكثر من 177 ألف حالة اختفاء قسري خلال السنوات الماضية، بينهم أطفال وسيدات، ما يجعل من الإخفاء القسري جرحًا مفتوحًا في ذاكرة الشعب السوري. وأكدت الشبكة أن هذه البيانات تمثل قاعدة أساسية لأي مسار حقيقي نحو العدالة والمحاسبة.

الحق في معرفة مصير المفقودين، بحسب الشبكة، ليس مسألة سياسية بل حق إنساني ثابت، غير قابل للتصرف أو السقوط بالتقادم، ويتوافق مع الالتزامات الدولية، أبرزها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري، ومبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بالبحث عن المفقودين.


الاستراتيجية الوطنية للبحث عن المفقودين

من جانبه، عرض رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين، محمد رضا جلخي، الاستراتيجية الوطنية للبحث عن المفقودين، والتي تعتمد على تشكيل فرق متخصصة، تطوير آليات التحقيق، وتوفير برامج دعم نفسي واجتماعي لأسر الضحايا. كما شدد على أهمية توسيع قاعدة البيانات الموحدة، وتنسيق الجهود مع المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية لدفع خطوات قانونية وإنسانية ملموسة.


أرقام صادمة تكشف حجم المسؤولية

وفي تقرير حديث للشبكة، أُشير إلى أن ما لا يقل عن 181,312 سوريًا لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الإخفاء القسري منذ مارس 2011 وحتى أغسطس 2025، بينهم 5,332 طفلًا و9,201 سيدة.
تفصيلًا، حوالي 160,123 شخصًا، بينهم 3,736 طفلًا و8,014 سيدة، اختفوا في مراكز احتجاز تابعة لنظام بشار الأسد، مقابل 21,189 شخصًا، بينهم 1,596 طفلًا و1,187 سيدة، في مراكز احتجاز تابعة لأطراف النزاع الأخرى.

يشير هذا إلى أن نظام الأسد يتحمل مسؤولية حوالي 90% من حالات الإخفاء القسري، أي تسعة من كل عشرة مختفين، ما يضع ملف المفقودين في قلب المساءلة الوطنية والدولية.


أكد الحوار على ضرورة تعزيز التعاون بين الشبكة والهيئة، والعمل على آليات قانونية وإنسانية جديدة، تشمل تقديم الدعم للأسر، وتحسين الشفافية في التحقيقات، وربط قاعدة البيانات بالجهات الدولية المعنية، بهدف الوصول إلى العدالة والمساءلة.


الإخفاء القسري أصبح أداة مركزية في النزاع السوري منذ عام 2011، استخدمها أطراف متعددة لتثبيت سيطرتهم على المناطق المختلفة. ورغم مرور أكثر من 14 عامًا، لا تزال الأسر تنتظر معرفة مصير ذويها، وسط تقاعس واضح في محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات. وتُعد البيانات الموثقة من قبل الشبكة السورية لحقوق الإنسان، المصدر الأبرز الذي يعكس حجم الانتهاكات ويشكل أداة ضغط للمجتمع الدولي للالتزام بمعايير حقوق الإنسان.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 3