قمة عربية إسلامية طارئة في قطر.. تضامن أم اختبار لوحدة الصف؟

2025.09.11 - 01:09
Facebook Share
طباعة

تستعد العاصمة القطرية الدوحة لاستضافة قمة عربية – إسلامية طارئة يومي الأحد والاثنين المقبلين، في ظل تصعيد إسرائيلي غير مسبوق تمثل في استهداف وفد حركة "حماس" المفاوض داخل الأراضي القطرية. هذا التطور لم يعد مجرد حدث أمني عابر، بل تحوّل إلى أزمة سياسية ودبلوماسية تُلقي بظلالها على مجمل المشهد الإقليمي، وتفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول مستقبل الوساطات والعلاقات بين الأطراف الفاعلة في المنطقة.

إسرائيل كانت قد أعلنت مسؤوليتها الكاملة عن العملية التي استهدفت وفد الحركة، مؤكدة أنها استهدفت قيادات بارزة، فيما أعلنت "حماس" نجاة رئيس وفدها المفاوض خليل الحية من محاولة اغتيال، بينما قُتل مدير مكتبه جهاد لبد ونجله همام، إلى جانب ثلاثة من المرافقين. هذا الاستهداف الذي طال شخصيات قيادية ومقربة من رأس الوفد المفاوض جاء ليضع علامة استفهام كبيرة حول نوايا إسرائيل تجاه أي مسار تفاوضي كان يجري برعاية إقليمية ودولية.

الموقف القطري بدا حادًا وغير اعتيادي في لغة الدبلوماسية. فقد وصف رئيس الوزراء ووزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الهجوم الإسرائيلي بأنه "إرهاب دولة" و"خيانة"، مؤكدًا أن الغارة قضت على أي أمل في إتمام مفاوضات تبادل الأسرى أو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. بن عبد الرحمن أشار في مقابلة تلفزيونية إلى أن ما جرى يضعف فرص نجاح أي مبادرة أمريكية، مضيفًا أن إسرائيل وحماس قد تستنفدان كل الفرص المتاحة، لكن الثقة في العملية التفاوضية باتت مهددة.

القمة المنتظرة في الدوحة تحمل أهدافًا سياسية تتجاوز حدود التضامن التقليدي. فالتحرك القطري يسعى إلى إقرار "رد جماعي" منظم ضد إسرائيل، على نحو يثبت الموقف العربي والإسلامي ويفرض ضغطًا على المجتمع الدولي للتعامل مع الانتهاك. كما يُتوقع أن تبحث القمة فتح مسار قانوني دولي، سواء عبر مجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية، باعتبار ما حدث انتهاكًا صارخًا لسيادة دولة عضو في المنظومة الدولية.

خلفيات الحدث تعطيه بعدًا إضافيًا. فالدوحة كانت خلال السنوات الماضية ساحة رئيسية للمفاوضات بين إسرائيل وحماس، بدعم أمريكي وأممي، وهو ما جعلها نقطة ارتكاز للوساطات الإقليمية. استهداف الوفد على أرضها لا يُقرأ فقط كمحاولة لاغتيال قيادات الحركة، بل كرسالة إسرائيلية مبطنة مفادها أن الوساطات لم تعد محصنة من التصعيد. هذا التوقيت الحساس، المتزامن مع تعثر محادثات وقف إطلاق النار في غزة، يضاعف من خطورة الحدث ويجعل من القمة المقبلة اختبارًا لمصداقية التحالفات العربية والإسلامية.

ردود الفعل الأولية جاءت سريعة، حيث صدرت إدانات واسعة من عواصم عربية وإسلامية، بينما ارتفعت أصوات تطالب بخطوات عملية تتجاوز البيانات التقليدية. البعض دعا إلى تحرك دبلوماسي منظم يشمل طرد سفراء أو تعليق علاقات، فيما يرى آخرون أن الخيار الأجدى هو التصعيد القانوني من خلال دعاوى أمام المحاكم الدولية.

ومع انعقاد القمة الوشيكة، تبقى السيناريوهات مفتوحة: فإما أن تخرج بقرارات قوية تؤسس لتحرك عربي – إسلامي مشترك في مواجهة إسرائيل، أو تنتهي ببيان ختامي شديد اللهجة لا يغيّر شيئًا في موازين القوى. وفي الحالتين، سيكون ما حدث في الدوحة نقطة فاصلة تُعيد رسم ملامح المرحلة المقبلة من الصراع، سواء عبر تعزيز وحدة الصف العربي والإسلامي أو عبر تكريس حالة الانقسام التي اعتادت إسرائيل استغلالها في كل جولة من جولات المواجهة.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 6