منحّت الولايات المتحدة الرئيس السوري أحمد الشرع تأشيرة دخول رسمية لزيارة الولايات المتحدة في الفترة بين 21 و25 من شهر أيلول الجاري، وفق مصادر دبلوماسية نقلتها وكالة "إندبندنت عربية". تأتي هذه الزيارة في إطار تحضيرات لإلقاء كلمة باسم سوريا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بمدينة نيويورك في 24 من الشهر نفسه، ويرافقه خلالها وزير الخارجية أسعد الشيباني والمندوب السوري الجديد لدى الأمم المتحدة إبراهيم العلبي.
الزيارة، التي تصفها مصادر دبلوماسية بأنها "نقطة تحول تاريخية"، تحمل دلالات سياسية ورمزية كبيرة، إذ ستكون الأولى لرئيس سوري إلى الولايات المتحدة منذ نحو ستة عقود، بعد الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر 2024. وتعكس هذه الخطوة رغبة أميركية في تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع حكومة الشرع الجديدة، خصوصًا في سياق جهود سعودية وتركية لدعم دمشق في ملفاتها الدولية.
تحضيرات لقمّة ثلاثية
وفقًا لمصادر دبلوماسية، يتضمن برنامج الزيارة لقاءً مرتقبًا بين الرئيس الشرع ونظيره الأميركي دونالد ترامب على هامش اجتماع الدورة الثمانين للجمعية العامة. كما تتوقع المصادر عقد اجتماع منفصل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مبنى "البيت التركي" بنيويورك، ما يعكس حرص سوريا على تعزيز علاقاتها الإقليمية ضمن إطار التوازن بين القوى الكبرى والدول الإقليمية.
وتشير مصادر خاصة إلى أن الحكومة الأميركية منحت الوفد السوري إعفاءً من قيود السفر المفروضة على سوريا منذ أكثر من عقد، وهو مؤشر على محاولة واشنطن إعادة إدماج دمشق في النظام الدبلوماسي الدولي بعد سنوات من العزلة. ويأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه التحديات الإقليمية والدولية التي تتطلب حضور سوريا على المنصات الدولية لتعزيز مصالحها الوطنية ومكانتها الدبلوماسية.
أسبوع رفيع المستوى في الأمم المتحدة
تبدأ فعاليات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 أيلول تحت شعار: "بالعمل معًا نحقق نتائج أفضل: ثمانون عامًا وأكثر من أجل السلام والتنمية وحقوق الإنسان". ويُتوقع أن يشارك الرئيس الشرع في فعاليات رفيعة المستوى، تشمل منصة الإعلام الخاصة بأهداف التنمية المستدامة وركن الأهداف التي تستضيفه نائبة الأمين العام بمشاركة شركاء دوليين ومجتمعيين.
وتنقل جميع الفعاليات مباشرة عبر "تلفزيون الأمم المتحدة"، ما يعزز الأهمية الإعلامية للزيارة السورية، ويتيح الفرصة لدمشق لعرض وجهة نظرها تجاه التحديات العالمية، خاصة في مجالات التنمية وحقوق الإنسان والسلام. وتسلط هذه المشاركة الضوء على رغبة الحكومة السورية في تقديم نفسها كطرف مسؤول وفاعل في الساحة الدولية بعد فترة طويلة من العزلة والنزاعات الداخلية.
دلالات سياسية واستراتيجية
زيارة الشرع إلى نيويورك لا تقتصر على بعدها الرمزي، بل تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية مهمة. فهي تؤكد على قدرة سوريا الجديدة على الانخراط في النظام الدولي الرسمي، وتفتح أبوابًا لإعادة ترتيب العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الإقليمية في ملف التطبيع، والمفاوضات حول القضايا الإنسانية، والأمن الإقليمي.
كما تمنح هذه الزيارة الفرصة للحكومة السورية لإظهار استقلالية قراراتها السياسية والدبلوماسية، وتوسيع دائرة تأثيرها في مناقشات الجمعية العامة، خصوصًا في ظل اهتمام المجتمع الدولي بالتعاون لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وحقوق الإنسان. وبالوقت نفسه، فإن اللقاءات المرتقبة مع قادة دوليين تشكّل منصة لتنسيق المواقف الإقليمية تجاه الملفات الساخنة، بما في ذلك الأمن في المنطقة ومواجهة الأزمات الإنسانية.