هل تستعد القاهرة لمرحلة ما بعد الحرب؟ الإعلام العبري يزعم احتضان قادة الفصائل

2025.09.08 - 01:30
Facebook Share
طباعة

منذ بداية الحرب على غزة، لعبت القاهرة دور الوسيط الأساسي بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، لكن الجديد هذه المرة – وفق ما تزعم تقارير إعلامية عبرية – هو أن مصر لم تكتفِ بوساطة تقليدية، بل تحولت إلى "ملاذ سياسي" لقيادات بارزة من حركات طالما وُصفت في إسرائيل بأنها الأكثر تشدداً.

التقارير الإسرائيلية تحدثت بقلق عن أن الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، حصل على نوع من الإقامة شبه الدائمة في مصر بعد مغادرته دمشق، في خطوة اعتبرتها تل أبيب تغييراً جذرياً في سياسة القاهرة. ولم يكن النخالة وحده، فالأمر شمل انتقال قيادات أخرى، مثل جميل مزهر من الجبهة الشعبية، وسط ترجيحات بوصول طلال ناجي، أمين عام الجبهة الشعبية – القيادة العامة، إلى القاهرة في وقت قريب.

هذه التطورات، كما تراها إسرائيل، تطرح سؤالاً أساسياً: لماذا تستضيف مصر الآن قادة الفصائل الأكثر عداءً لإسرائيل؟ هنا تبرز قراءتان متعارضتان:

القراءة الإسرائيلية، التي ترى أن القاهرة تمارس "لعبة مزدوجة" وتستخدم هؤلاء القادة كورقة ضغط في المفاوضات.

والقراءة الأخرى، التي ترى أن مصر تسعى إلى بناء معادلة سياسية جديدة لما بعد الحرب في غزة، بحيث تجمع أطرافاً متعددة تحت مظلتها، وتبقى هي وحدها القادرة على إدارة المشهد الفلسطيني.


المحلل الإسرائيلي باروخ يديد ذهب أبعد من ذلك، إذ قال إن وجود قادة الجهاد والجبهة في القاهرة يمكّنها من ممارسة ضغط مباشر على وفد حماس التفاوضي، وخاصة على خليل الحية، لدفعه نحو قبول الرؤية المصرية بإدخال لجنة لإدارة السلطة الفلسطينية إلى غزة. بكلمات أخرى، تحاول القاهرة أن تكون الممسك الحقيقي بخيوط اللعبة، لا مجرد وسيط عابر.

بالنسبة لإسرائيل، هذا التحول ليس مجرد تفصيل سياسي؛ إنه مصدر تهديد لمعادلات التفاوض، لأن إدخال أطراف مثل الجهاد والجبهة على خط الاتصالات قد يضعف موقف تل أبيب ويعطي مصر قدرة أكبر على صياغة نتائج المفاوضات. أما من وجهة النظر المصرية، فإن احتضان هذه القيادات يمنح القاهرة ثقلاً إضافياً في ظل سباق محموم بين قوى إقليمية، أبرزها قطر وتركيا، للهيمنة على مسار القضية الفلسطينية.

الواقع أن هذا ليس المرة الأولى التي تحتضن فيها مصر قيادات فلسطينية، فالتاريخ يذكر أن القاهرة كانت في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي مقراً رئيسياً لقيادات منظمة التحرير والفصائل اليسارية. لكن الجديد اليوم أن الاحتضان يأتي في ذروة حرب مدمرة على غزة، وفي لحظة يسعى فيها الجميع لرسم ملامح مرحلة ما بعد الحرب.

في النهاية، تظل القاهرة لاعباً رئيسياً لا يمكن تجاوزه. وإذا صحت المزاعم الإسرائيلية، فإن مصر تعيد تموضعها ليس كوسيط محايد، بل كطرف يُعيد هندسة المعادلة الفلسطينية بما يضمن استمرار دورها المركزي. أما إسرائيل، فهي تقرأ هذه التحولات بقلق، خشية أن تتحول القاهرة إلى "حاضنة سياسية" لإرادة فلسطينية متعددة يصعب التحكم بها.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 6