عاد الجدل حول ميثاقية جلسات الحكومة اللبنانية إلى الواجهة على خلفية قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بـ«حصرية السلاح» وسحب سلاح «حزب الله». انسحاب وزراء الثنائي الشيعي من جلسات محددة يعكس موقفهم السياسي من هذه القرارات، مؤكدين أن ما يُبنى على قرار غير قائم بالنسبة لهم هو باطل، وأنهم لن يتعاملوا معه.
هذا السلوك السياسي يُظهر أن المسألة ليست فقط دستورية، بل مرتبطة بموازين القوى الداخلية واستراتيجية التعامل مع الضغوط الإقليمية.
المصطلح نفسه، الميثاقية، يعود إلى اتفاق غير مكتوب بين المكونات المسيحية والمسلمة عام 1943، ويُقصد به ضمان تمثيل كافة المكونات الطائفية والسياسية في الحكومة. وفق هذا المفهوم، أي قرار يُتخذ في غياب مكون أساسي يُعتبر غير مكتمل الشرعية سياسياً، وهو ما يرفع شعاره حزب الله عند التعامل مع قرارات حصرية السلاح.
من الجانب القانوني، يرى خبراء أن القرارات الحكومية الأخيرة دستورية ونافذة، إذ أن الميثاقية التي أقرها الدستور تضمن حضور ممثلي الطوائف في الحكومة، وهو ما تحقق في جلسات أغسطس، فلا يمكن الطعن بميثاقيتها.
بالمقابل، أن الدستور لا يحتوي على نص واضح ينظم غياب طائفة كاملة عن جلسات الحكومة، وأن الأمر يظل مرتبطًا بالعُرف والممارسات السياسية، مع إمكانية الاعتراض سياسياً أو شعبياً وليس قضائياً.
من هذا المنظور، يمكن قراءة جدلية الميثاقية في لبنان على أنها أداة سياسية تُستخدم في سياق التوازنات الداخلية أكثر من كونها نصاً دستورياً صريحاً، وهي تعكس الصراع بين الحفاظ على مؤسسات الدولة ووظيفتها التنفيذية من جهة.
وبين حقوق المكونات الطائفية في التعبير السياسي والاعتراض من جهة أخرى. كما تبين أن أي قرار مرتبط بحصرية السلاح في الحكومة اللبنانية ليس مجرد مسألة تقنية أو أمنية، بل قضية رمزية تمس السيادة الوطنية وتوازن القوى الداخلي.