أعطال البحر الأحمر: هل تتحول الكابلات البحرية إلى ساحة صراع جديدة؟

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.07 - 12:36
Facebook Share
طباعة

شهدت آسيا والشرق الأوسط خلال الأيام الماضية تباطؤاً ملحوظاً في خدمات الإنترنت، إثر انقطاع كابلات الاتصالات البحرية في البحر الأحمر.
هذه الحادثة، التي عطلت شرايين رقمية أساسية تربط القارات، أثارت تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراءها، وحول مدى استعداد دول المنطقة لحماية هذا الممر الحيوي.

كيف وقع الانقطاع؟

بحسب منظمة "نت بلوكس"، الانقطاع أثّر على أنظمة الكابلات SMW4 وIMEWE قرب جدة في السعودية، ما أدى إلى اضطرابات شملت الهند وباكستان ودول الخليج.
الانقطاعات البحرية عادة ما تحدث لثلاثة أسباب رئيسية:

مراسي السفن: إذ يمكن أن تُلقى خطأ فوق الكابلات وتقطعها.

العوامل الطبيعية: كالزلازل أو الانهيارات الطينية تحت سطح البحر.

الاحتمالات الأمنية: في ظل التوترات بالبحر الأحمر، لا يستبعد خبراء احتمال استهداف البنية التحتية الرقمية.

ورغم أن السبب المباشر لهذه الحادثة لم يُكشف رسميًا، إلا أن التوقيت وحجم الأعطال جعلاها محط أنظار محلية ودولية.

مواقف السعودية والإمارات:

حتى اللحظة، لم تُصدر السلطات السعودية أي اعتراف رسمي بالحادثة، ولم ترد على استفسارات حول انقطاع الإنترنت، رغم أن الكابلات المتضررة تمر قرب سواحلها، أما في الإمارات، فقد اشتكى المستخدمون من بطء واضح على شبكتي "دو" و"اتصالات"، من دون صدور بيان حكومي يوضح الموقف.
هذا الصمت الرسمي يثير تساؤلات حول سبب الإحجام عن التعليق، وهل يعود إلى اعتبارات أمنية، أم إلى محاولة احتواء المخاوف العامة.

الكابلات البحرية.. شرايين رقمية للعالم:

أكثر من 95% من البيانات العالمية تنتقل عبر هذه الكابلات الممتدة لعشرات آلاف الكيلومترات تحت سطح البحر الكابلات المتضررة تُعد من أهم المسارات التي تربط جنوب آسيا بالشرق الأوسط وأوروبا.
تعطلها لا ينعكس فقط على الأفراد، بل يضرب أيضًا البنوك وشركات الطيران والمنصات الرقمية العملاقة.

غياب الشفافية الدولية:

شركات الاتصالات الكبرى مثل "تاتا" و"ألكاتيل-لوسنت" لم تصدر توضيحات رسمية حتى الآن، ما يعكس حساسية الملف. الاعتراف بوجود ثغرة أو استهداف محتمل قد يُفهم كإقرار بفشل في حماية بنية تحتية تُعتبر عصب الاقتصاد الرقمي العالمي.

البحر الأحمر.. من تجارة النفط إلى أمن الإنترنت:

لطالما عُرف البحر الأحمر بصفته ممراً استراتيجياً لنقل النفط والتجارة العالمية، لكن الأعطال الأخيرة تُظهر أن أهميته تجاوزت البعد الاقتصادي التقليدي.
اليوم، الكابلات البحرية التي تمر عبره أصبحت بحد ذاتها ساحة صراع جديدة، قد تُستغل كورقة ضغط في النزاعات المستمرة.

آثار الانقطاع على الاقتصاد والأمن الرقمي:

تداعيات هذه الحادثة لن تتوقف عند حدود تباطؤ الإنترنت، بل ستترك أثرًا طويل المدى على عدة مستويات. اقتصادياً، ستدفع الشركات والبنوك التي تعتمد على سرعة الاتصال اللحظي ثمناً باهظاً، من خلال خسائر في المعاملات الرقمية وتأخير في الخدمات السحابية. وعلى المستوى التقني، تبدو الحاجة ملحة إلى التفكير في مسارات بديلة للكابلات أو الاستثمار في حلول عبر الأقمار الصناعية، لكن هذه الخيارات تواجه تحديات كبيرة من حيث الكلفة والسرعة في التنفيذ.
أما سياسيًا وأمنيًا، فمن المتوقع أن يدفع تكرار هذه الحوادث دول المنطقة والمجتمع الدولي إلى تعزيز الوجود العسكري في البحر الأحمر، ليس فقط لحماية ناقلات النفط والسفن التجارية، وإنما أيضًا لحماية الكابلات التي باتت تمثل شريانًا لا يقل أهمية عن الممرات المائية التقليدية. وهنا يبرز سؤال أساسي: هل يتحول البحر الأحمر في المرحلة المقبلة إلى ساحة صراع رقمي مفتوح، تُدار فيه الحروب على مستوى البنية التحتية للاتصالات؟

الأعطال التي ضربت الكابلات البحرية في البحر الأحمر تتجاوز كونها خللاً تقنيًا، فهي مؤشر على أن البنية التحتية الرقمية العالمية أصبحت في قلب الصراعات الإقليمية.
وإذا لم تتحرك الدول لحماية هذه الشرايين الرقمية، قد نجد أن الإنترنت نفسه أصبح ضحية جديدة في ساحات النزاع. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 9